للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحيى بن سعيد القطان فيما يرويه عن علماء البصرة وهو مذهب الإمام أحمد وغيره من علماء السنة فإنهم يستثنون في الإيمان وهذا متواتر عنهم لأن الإيمان عندهم يتضمن فحل جميع الواجبات فلا يشهدون لأنفسهم بذلك كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى من غير شك في إيمانهم كما هو منصوص الشافعي وأحمد -رضي اللَّه عنهما- خلافًا لأبي حنيفة -رضي اللَّه عنهم أجمعين- (١).

ثم قال الناظم -رحمه اللَّه تعالى-: " (ولا تك من قوم) يعم أهل الاعتزال وأهل الرفض والوبال وأهل الكلام المحدث الذي ذمه وأهله السلف وبدعوا الذاهبين إليه والمعولين عليه.

والحاصل أن الناظم أراد كل من اكتفى بالمعقول (٢) عن المنقول ومال إلى ما أصَّله الفلاسفة ونحوهم عما جاء به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولهذا قال: (تَلَهَّوا) أي تلاعبوا (بدينهم) الذي أمروا به من ربهم وجاء به نبيهم.


(١) قال في شرح العقيدة الطحاوية (ص ٣٩٥) وما بعدها: مسألة الاستثناء في الإيمان وهو أن يقول أي الرجل أنا مؤمن إن شاء اللَّه فالناس فيه على ثلاثة أقوال، طرفان ووسط، منهم من يوجبه، ومنهم من حرمه، ومنهم من يجيزه باعتبار، ويمنعه باعتبار، وهذا أصح الأقوال ثم ذكر مأخذ كل فريق. . . إلى أن قال: وأما من يجوز الاستثناء وتركه فهم أسعد بالدليل من الفريقين وخير الأمور أوسطها فإن أراد المستثني الشاك في أصل إيمانه منع من الاستثناء وهذا مما لا خلاف فيه، وإن أراد أنه مؤمن من المؤمنين الذين وصفهم اللَّه في قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. . .} [الأنفال: ٢ - ٤].
فالاستثناء حينئذ جائز انتهى.
وراجع أيضًا كتاب الإيمان لابن تيمية (ص ٤١٠، ٤١٩)؛ والإبانة لابن بطة (٢/ ٨٦٢)؛ والشريعة للآجري (١٣٦)؛ السنة للآلكائي (٥/ ٩٦٥).
(٢) في "ظ" العقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>