للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلبي يزيد وينقص أيضًا بكثرة النظر ووضوح البرهان وعدم ذلك، وما اعترض على هذا القول من أنه متى قبل ذلك كان شكًا مدفوع بأن مراتب اليقين متفاوته مع أنها لا شك معها وفي القرآن العظيم ما حكى عن خليله إبراهيم عليه وعلى نبينا وسائر الأنبياء أفضل الصلاة وأتم التسليم: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠].

وتقدمت قصة موسى الكليم لما رأى قومه عاكفين على عبادة العجل مع ما كان أخبره اللَّه تعالى به من ذلك فحصل له من الغضب وإلقاء الألواح وأخذه بلحية أخيه هارون عليه السلام ورأسه ما لم يحصل له بإخبار اللَّه تعالى مع جزمه وتيقنه صدق الخبر ووقوع المخبر عنه بخبر من لا يبقي في القلب أدنى شك ولا ريبة، وباللَّه التوفيق (١).

تتمة: مذهب السلف ومن وافقهم من الأشعرية جواز الاستثناء في الإيمان يقول الإنسان: أنا مؤمن إن شاء اللَّه خلافًا لمن يمنعه كالجهمية والمرجئة (٢).

وخلافًا لمن يوجبه كابن كلاب (٣). ومن وافقه والقول بجواز الاستثناء مذهب أصحاب الحديث كالثوري وابن عيينة وأكثر علماء الكوفة.


= قال المحققون من أصحابنا المتكلمين: نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص، والإيمان الشرعي يزيد وينقص بزيادة ثمراته وهي الأعمال ونقصانها. قالوا وفي هذا توفيق بين ظواهر النصوص التي جاءت بالزيادة وأقاويل السلف وبين أصل وضعه في اللغة وما عليه المتكلمون، وهذا الذي قاله هؤلاء وإن كان ظاهرًا حسنًا فالأظهر واللَّه أعلم أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم. . . " إلى آخر كلامه.
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١/ ١٤٨).
(١) انظر: هذا المبحث في لوامع الأنوار للمؤلف (١/ ٤٣٠ - ٤٣١).
(٢) كتب هنا في هامش "ظ": قف على جواز الاستثناء في الإيمان.
(٣) ابن كلاب: تقدم (١/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>