للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كله وهذا قول باطل وجهل بارد إذا تدبره الإنسان وجده في غاية الجهالة بل في غاية الضلالة، فكيف يكون هؤلاء المتأخرون ولاسيما والإشارة بالخلف إلى ضرب من المتكلمين الذين كثر في باب الدين اضطرابهم وغلظ عن معرفة اللَّه حجابهم، وقد لجوا في بيداء الضلالة تائهين، وزعموا أنهم خاضوا بحور العلم دعوى وإنما سلكوا طريق المشائين فأثمر لهم ذلك الجد والإجتهاد الحيرة والتخبيط وكثرة الإنتقال والتخليط، فترى أحدهم زيف أحد الأقوال في بعض مؤلفاته واعتمده في بعض واعتمد بعضها في بعض وزيفه في آخر، وهذا دأب من سلك غير سبيل المعصوم وارتضع من غير لبان ما أنزل عليه من الحي القيوم، حتى يقول بعض (١) هؤلاء في أواخر عمره: "لقد خضت البحر الخضم وتركت أهل الإسلام وعلومهم وخضت في الذي (٢) نهوني عنه والآن إن لم يتداركني اللَّه برحمته فالويل لفلان، وها أنا أموت على عقيدة أمي".

ويقول الآخر: أكثر الناس شكًا عند الموت أصحاب الكلام (٣).

ويقول أحد فضلائهم (٤):


(١) القائل هو: عبد الملك بن عبد اللَّه بن يوسف الجويني أبو المعالي إمام الحرمين المتوفى سنة ٤٧٨ هـ، وهذا القول عنه ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٨/ ٤٦٨)؛ والسبكي في ترجمته في كتاب طبقات الشافعية (٥/ ١٨٥) بعبارات متقاربة؛ وانظر شرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٢٨).
(٢) في النسختين: في الذين والمثبت من الحموية (ص ٩١).
(٣) انظر: هذه النصوص في الفتوى الحموية الكبرى (ص ٩١)؛ وفي الصواعق المرسلة لابن القيم (١/ ١٦٨).
(٤) هو أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، المتوفى سنة ٥٤٨ ذكرهما في أول كتابه نهاية الأقدام في علم الكلام (ص ٣) ونسبهما إليه ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٢٨)؛ وانظر لوامع الأنوار (١/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>