للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في حساب الناس وذكر دخول طائفة من عصاة الأمة النار وخروجهم منها إما برحمة الكريم الغفار، وإما بشفاعة النبي المختار -صلى اللَّه عليه وسلم- وإما بغير ذلك (١).

اعلم أولًا أن المعاد الجسماني حق واقع وصدق صادع، دل عليه النقل الصحيح والنص الصحيح، ولم يمنعه العقل، ولم يحله فوجب الإيمان بموجبه، وهو أن اللَّه يبعث الموتى من القبور بأن يجمع أجزاءهم الأصلية ويعيد الأرواح إليها، لقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: ٧٩]. والآيات القرآنية في ذلك كثيرة جدًا، والأحاديث النبوية طافحة به، فلا جرم لا ينكره إلا كافر ملحد، وزنديق قد عتى وتمرد، وعدم التوفيق.

وقد أنكره الطبايعيون (٢)، والدهرية (٣)، والملحدة، ويرد إنكارهم النقل


(١) أي بشفاعة غيره من الرسل والأنبياء والملائكة والشهداء، كما ورد في الأحاديث.
(٢) الطبايعيون: هم فريق من الفلاسفة القدامي، قالوا: إن النفس الإنسانية هي اعتدال في المزاج فحسب، فإذا مات الإنسان عدمت النفس وإعادة المعدوم عندهم محال فجحدوا الآخرة، وأنكروا الجنة والنار والحشر والنشر والقيامة والحساب، وهذه نزعة مادية قديمة، وهي اليوم متمثلة في المذاهب المادية الإلحادية التي تجعل من الطبيعة إلهًا لهذا الكون.
راجع: المنقذ من الضلال للغزالي (ص ٩٦ - ٩٧)؛ الوجود الحق للدكتور حسن هويدي (ص ٣٧) وما بعدها؛ الاتجاهات الفكرية المعاصرة: جمعة الخولي (ص ٤٨).
(٣) الدهرية: هم الذين ينكرون الربوبية، ويحيلون الأمر والنهي والرسالة من اللَّه تعالى ويقولون: هذا مستحيل في العقول، ويقولون بقدم العالم وينكرون الثواب والعقاب، ولا يفرقون بين الحلال والحرام، وينفون أن يكون في العالم دليل يدل على صانع ومصنوع، وخالق ومخلوق، وينسبون النوازل التي تنزل بهم إلى الدهر وينكرون المعاد والجزاء والحساب.
انظر: الفصل في الملل والنحل (١/ ٤٧)؛ والملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٦١)؛ المنقذ من الضلال للغزالي (ص ٩٦)؛ البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان (ص ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>