للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب سلف الأمة وكبار الأئمة والحنابلة ومن نحا نحوهم أن المراد إثبات صفتين ذاتيتين يسميان يدين يزيدان على النعمة والقدرة، محتجين بأن اللَّه تعالى أثبت لآدم عليه السلام من المزية والإختصاص ما لم يثبت مثله لأبليس بقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وإلا فكان إبليس يقول: وأنا أيضا خلقتني بيديك، فلا مزية لآدم ولا تشريف.

(فإن قيل) (١) إنما أضيف ذلك إلى آدم ليوجب له تشريفًا وتعظيمًا على إبليس، ومجرد النسبة في ذلك كاف في التشريف كناقة اللَّه وبيت اللَّه فهذا كاف في التشريف، وإن كانت النوق والبيوت كلها للَّه.

فالجواب: ما قالوه إن التشريف بالنسبة إذا تجردت عن إضافة إلى صفة اقتضى مجرد التشريف، فأما النسبة إذا اقترنت بذكر صفة، أوجب ذلك إثبات الصفة التي لولاها ما تمت النسبة.

فإن قولنا خلق اللَّه (الخلق) (٢) بقدرته لما نسب الفعل إلى تعلقه بصفة اللَّه اقتضى ذلك إثبات الصفة، وكذلك أحاط الخلق بعلمه يقتضى إحاطته بصفة هي العلم، فكذلك هنا لما كان ذكر التخصيص مضافًا إلى صفة وجب إثبات تلك الصفة على وجه يليق به سبحانه لا بمعنى العضو والجارحة والجسمية والبعضية والكمية والكيفية تعالى اللَّه عن ذلك.

وأيضا لو أراد باليد النعمة لقال: لما خلقت ليدي لأنه خلق لنعمته، لا بنعمته، وأيضا فقدرة اللَّه واحدة، لا تدخلها التثنية والجمع.


(١) في النسختين (فقيل) والتصحيح من أقاويل الثقات (ص ١٥٠) ومنه ينقل الشارح.
(٢) ساقطة في "ظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>