للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام من الشجرة. قلنا هذا مع مصادمته للنص ومكابرة في غير طائل يلزم أن يكون موسى كليم الشجرة لا كليم اللَّه تعالى ويلزم أن يكون بنو إسرائيل أفضل في ذلك منه لأنهم سمعوا من أفضل ممن سمع منه موسى على زعمكم، إنما سمع من الشجرة، ولا يرتاب مؤمن أن موسى أفضل وأجل وأعظم من الشجرة (١).

ثم إن لفظ الصوت صحت به الأخبار عن النبي المختار -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال الحافظ بن حجر (٢) في شرح البخاري: (٣) "من نفى الصوت يلزمه أن اللَّه تعالى لم يسمع أحدًا من ملائكته ولا رسله كلامه، بل ألهمهم إياه إلهامًا، قال: وحاصل الإحتجاج للنفي الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين لأنها التي عهدت ذات مخارج ولا يخفى ما فيه إذ الصوت قد يكون من غير مخارج كما أن الرؤية قد تكون من غير انفصال أشعة، ولئن سلم فيمنع القياس المذكور لأن صفة الخالق تعالى لا تقاس على صفة المخلوقين.

وحيث ثبت ذكر الصوت بالأحاديث الصحيحة, وجب الإيمان به ثم إما التفويض وإما التأويل" (٤).


(١) هذا الكلام ذكره المؤلف في اللوامع (١/ ١٤٠) من كلام ابن قدامة.
(٢) ابن حجر تقدم (١/ ١١٩).
(٣) فتح الباري (١٣/ ٤٦٦).
(٤) الصحيح أن التاويل والتفويض ليس من مذهب السلف وإن مذهبهم الإيمان باللَّه وبأسمائه وصفاته وإثباتها للَّه على الوجه اللائق به كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وإنما نفوا علم الصفة والكيفية، فهذا هو الذي لا يعلمه إلا اللَّه كما أجاب الإمام مالك بن أنس لما سئل عن الاستواء قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول" انتهى.
وسيأتى في كلام الشارح مزيد بيان وتفصيل لمذهب السلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>