للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "زينوا القرآن بأصواتكم" (١).

فجعل الكلام، كلام الباري، وجعل الصوت صوت القارئ فالذي يقرأ به العبد صوت نفسه، فمن قال عن القرآن الذي يقرؤه المسلمون: ليس هو كلام اللَّه، أو هو كلام غيره، فهو ملحد مبتدع ضال. ومن قال إن أصوات العباد والمداد الذي كتب به القرآن قديم أزلي فهو ملحد مبتدع ضال، بل هذا القرآن هو كلام اللَّه وهو مثبت في المصاحف، وهو كلام اللَّه مبلغ مسموع من القراء ليس هو مسموعًا منه تعالى فكلام اللَّه قديم وصوت العبد حادث مخلوق (٢).


(١) رواه أبو داود رقم (١٤٦٨) في الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة؛ والنسائي (٢/ ١٣٩، ١٤٠) في الصلاة باب تزيين القرآن بالصوت؛ والدارمي (٢/ ٣٤٠)؛ وأحمد (٤/ ٢٨٣، ٢٨٥، ٢٩٦، ٣٠٤)؛ وابن ماجة رقم (١٣٤٢)؛ وابن حبان في صحيحه الإحسان (٢/ ٦٤)؛ والحاكم في المستدرك (١/ ٥٧١ - ٥٧٥) من عدة طرق عن البراء بن عازب رضي اللَّه عنه؛ وقال الألباني صحيح. صحيح الجامع (٣/ ١٩٤).
(٢) هذه المسألة تسمى "مسألة اللفظ بالقرآن".
قال ابن تيمية رحمه اللَّه: قد اضطرب فيها أقوام لهم علم وفضل ودين وعقل وجرت بسببها مخاصمات ومهاجرات بين أهل الحديث والسنة حتى قال ابن قتيبة كلامًا معناه لم يختلف أهل الحديث في شيء من مذاهبهم إلا في مسألة "اللفظ".
وبين أن سبب ذلك لما وقع فيها من الغموض والنزاع بينهم في كثير من المواضع لفظي.
ثم قال في موضع آخر: ولهذا كان الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة يقولون: من قال اللفظ بالقرآن أو لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي.
لأن اللفظ يراد به صدر لفظ يلفظ لفظًا، ومسمى هذا فعل العبد وفعل العبد مخلوق.
ويراد باللفظ القول الذي يلفظ به اللافظ، وذلك كلام اللَّه لا كلام القارئ، فمن قال: إنه مخلوق فقد قال إن اللَّه لم يتكلم بهذا القرآن، وإن هذا القرآن الذي يقرؤه المسلمون ليس هو كلام اللَّه، ومعلوم أن هذا مخالف لما علم بالاضطرار من دين الرسول، وأما صوت العبد فهو مخلوق. =

<<  <  ج: ص:  >  >>