للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وامتناع إطلاق الإسم المشتق على الشيء من غير أن يكون مأخذ الاشتقاق وصفًا له قائمًا به أزلية لامتناع قيام الحوادث بذاته ولأنه سبحانه وصف ذاته في كلامه الأزلي باللَّه الخالق فلو لم يكن في الأزل خالقًا للزم الكذب، أو العدول إلى المجاز أي الخالق فيما يستقبل، أو القادر على الخلق من غير تعذر الحقيقة على أنه لو جاز إطلاق الخالق عليه بمعنى القادر لجاز إطلاق كل ما يقدر عليه من الأعراض.

وأيضًا لو كان فعله تعالى حادثًا، فإما بتكوين آخر فيلزم التسلسل، وهو محال ويلزم منه استحالة تكون مع أنه مشاهد، وإما بدونه فيستغني الحادث عن المحدث والإحداث، وفيه تعطيل الصانع تعالى، وأيضًا لو حدث فعله تعالى لحدث، إما في ذاته تعالى فيصير محلًا للحوادث (١)، أو في غيره كما ذهب إليه أبو الهذيل (٢) المعتزلي: من أن تكوين كل جسم قائم به فيكون كل جسم قائم به فيكون كل جسم خالقًا ومكونًا لنفسه، ولا خفاء في استحالته.

ومبنى هذه الأدلة على أن التكوين صفة حقيقية كالعلم والقدرة.


(١) هذا من كلام أهل البدع من المعتزلة المخالفين لمذهب أهل السنة، فقد ذكر ابن تيمية وابن القيم رحمهم اللَّه أن مذهب السلف أن أفعال اللَّه سبحانه وتعالى قديمة النوع حادثة الآحاد وأن اللَّه سبحانه وتعالى فعال لما يريد، لم يزل متكلمًا إذا شاء ولم يزل فاعلًا إذا شاء، أو لم تزل الإرادات والكلمات تقوم بذاته شيئًا بعد شيء ونحو ذلك، ولا يلزم من ذلك حلول الحوادث كما يقول أهل البدع.
انظر: تعليق الشيخ عبد اللَّه بابطين، والشيخ ابن سحمان في لوامع الأنوار للمؤلف (١/ ١٣٠ - ١٣١، ٢٥٨ - ٢٥٩).
(٢) أبو الهذيل: محمد بن الهذيل بن عبد اللَّه بن مكحول العبدي مولى عبد القيس أبو الهذيل العلاف من أئمة المعتزلة، ولد في البصرة واشتهر بعلم الكلام، له مقالات في الإعتزال ومجالس ومناظرات، توفى بسامرا سنة ٢٣٥ هـ.
تاريخ بغداد (٣/ ٣٦٦)، والأعلام (٧/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>