للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الماتريدية إلى أن المماثلة هي الإشتراك في الصفات النفسية كالحيوانية والناطقية لزيد وعمرو، قالوا: ومن لازم الاشتراك في الصفة النفسية أمران:

أحدهما: الاشتراك فيما يجب ويجوز ويمتنع.

وثانيهما: أن يسد كل منهما مسد الآخر وينوب الآخر منابه، فمن ثم يقال: المثلان موجودان مشتركان فيما يجوز ويمتنع. وموجود أن يسد كل واحد منها مسد الآخر.

والمتماثلان وإن اشتركا في الصفات النفسية فلا بد من اختلافهما بجهة أخرى ليتحقق التعدد والتمايز فيصح التماثل وينسب إلى أبي حسن الأشعري أنه يشترط في التماثل التساوي من كل وجه.

واعترض بأنه لا تعدد حينئذ فلا تماثل، وبأن أهل اللغة مطبقون على صحة قولنا: زيد مثل عمرو في الفقه إذا كان يساويه فيه ويسد مسده وإن اختلفا في كثير من الأوصاف.

وفي الحديث: "الحنطة بالحنطة مثلًا بمثل" (١) أراد به الإستواء في الكيل دون الوزن، وعدد الحبات، وأوصافها، ولا يخفى أن من الممكن أن يقال: المراد بالمماثلة التساوي في الوجه الذي به التماثل فزيد وعمرو إذا اشتركا في الفقه، وكان بينهما مساواة فيه بحيث ينوب أحدهما عن الآخر، ويسد مسده، يصح القول: بأنهما مثلان فيه، وإلا فلا وكل هذا مغالطة وتمويه ليس شيء منه مما نحن


(١) جزء من حديث أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلًا بمثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه".
انظر: صحيح مسلم (٣/ ١٢١١) رقم (١٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>