للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتخصص بمكان (١) فكل ما توهمه الخيال أو سنح بالبال من حسن أو بهاء، أو جمال، أو شبح، أو نور، أو ضباء، أو مثال، فهو بخلاف ذي العزة والعظمة والجلال، إذا توهمته الأوهام هلكت، وإذا تخيلته الأفهام والعقول أفكت. فطريق إثبات صفاته المقدسة السمع فنثبتها لورودها، ولا نعطلها، ولا نكيفها، ولا نمثلها، فمذهب السلف: إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل.

وهناك طائفة غلت في النفي فعطلته محتجين بأن الإشتراك في صفة من صفات الإثبات يوجب الإشتباه حتى زعموا أنه سبحانه لا يوصف بالوجود، بل يقال إنه ليس بمعدوم، ولا يوصف بأنه حي، ولا قادر، ولا عالم، بل يقال: إنه ليس بميت، ولا عاجز، ولا جاهل.

وهذا مذهب أكثر الفلاسفة والباطنية ونحوهم.

وغلت طائفة أخرى في الإثبات فشبهته حتى أثبتوا له الصورة والجوارح حتى أن الهاشمية (٢) من غلاة الرافضة زعموا -كما قال


(١) قوله ولا يتخصص بمكان فيه نظر: فقد ثبت بالأدلة من الكتاب والسنة علو اللَّه سبحانه على خلقه، وأنه سبحانه فوق سمواته مستو على عرشه، وقد ورد في الكتاب والسنة من الأدلة على علو اللَّه ما يطول ذكره، فمن ذلك، قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: ٥٠]، وقوله {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠]، وقوله {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤]، وقوله {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في سبعة مواضع من كتاب اللَّه، ومن السنة، حديث الجارية المصرح بأن اللَّه في السماء وغيره. وقد أورد المؤلف في مبحث الإستواء بعض هذه الأدلة، انظر (١/ ٣٥٢) وما بعدها. وانظر المزيد من الأدلة على علو اللَّه على خلقه كتاب العلو للذهبي؛ واثبات صفة العلو لابن قدامة؛ واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم.
(٢) كذا في المخطوطتين ولعل الأصح: الهشامية: وهم أتباع هشام بن الحكم الرافضي. وتقدم التعريف بهذه الفرقة (١/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>