للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلا كيف بائن من جميع خلقه هذا جملة مذهب السلف الصالح" انتهى (١).

وفي قوله رحمه اللَّه: وإن كنت لا أقول به غاية العجب لأنه اعترف بتظافر الآيات القرآنية عليه ودلالة الأخبار النبوية إليه وتعويل السلف الصالح الأخيار عليه فكيف يليق من مثله أن يقول وإن كنت لا أقول به ولا أختاره مع الدلالات القرآنية والأحاديث النبوية وكونه معتقد الرعيل الأول والحزب الذي عليه المعمول، ولعله إنما خاف من دسائس الحساد ووسواس أهل الزيغ والفساد وإفتراء ذوي البدع والإلحاد واللَّه تعالى الموفق.

ورضي اللَّه تبارك وتعالى عن الإمام مالك حيث قال: "أو كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لجدل هؤلاء (٢) (وكل من هؤلاء مخصوم بمثل ما خصم به الآخر) (٣).


(١) هذا كلام القرطبي كما جاء في كتابه "الأسنى في شرح أسماء اللَّه الحسنى" ونقله عنه مرعي بن يوسف في أقاويل الثقات (ص ١٣٢)؛ والشيخ محمد المغراوي في كتابه: "المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات" (١/ ٣١٠).
وقد اضطرب رأيه في مسألة الاستواء فبينما يظهر من كلامه إثباتها عند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ. . .} [الأعراف: ٥٤] (٧/ ٢١٩) من تفسيره نجده في كتابه الأسنى -كما هنا- لا يقول بالإثبات ولا يختاره، وأما رأيه في بقية الصفات فهو يميل إلى مذهب الأشاعرة من التأويل. للمزيد من التفصيل راجع المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات لمحمد المغراوي (١/ ٢٨٩) وما بعدها.
(٢) رواه أبو نعيم في الحلية (٦/ ٣٢٤)؛ والهروي في ذم الكلام كما في صون المنطق (ص ٥٦)؛ وذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢/ ٩٥)؛ وذكره الذهبي في العلو (١٠٣) مختصره (١٤٠).
وروى الآجري في الشريعة (ص ٥٦) عن مالك نحوه.
(٣) من قوله: "وكل من هؤلاء مخصوم. . ليست في الرواية عن مالك في المصادر التي أشرنا إليها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>