ونقله عنه مرعي بن يوسف في أقاويل الثقات (ص ١٣٢ - ١٣٤). قلت: كلام ابن الهمام هذا هو كلام أهل التأويل المخالفين لمنهج السلف ومذهبهم في صفات اللَّه تعالى، وفيه من التناقض والاضطراب ما هو واضح كعادة أهل التأويل في التخرص وتكلف التأويلات البعيدة، ورحم اللَّه الشارح حيث ختم به مبحث الاستواء وسكت عنه ولم يتعقبه بشيء. وسوف أذكر الرد عليه فيما يلي: ١ - قوله: "وأما كون الاستواء بمعنى الاستيلاء على العرش مع نفي التشبيه فأمر جائز". ونحن نقول إنه غير جائز، وهذا هو كلام أئمة اللغة الخليل بن أحمد، وابن الأعرابي وغيرهم، قالوا: لا يجوز تفسير الاستواء بالاستيلاء. وقال ابن تيمية في الإكليل في كلامه على الاستواء: "ثم السلف متفقون على تفسيره بما هو مذهب أهل السنة، قال بعضهم: ارتفع على العرش، وقال بعضهم: علا على العرش" (الإكليل ضمن مجموعة الرسائل ٢/ ٣٤). وقال ابن القيم رحمه اللَّه في مختصر الصواعق (٢/ ١٤٥ - ١٤٦، ١٤٨) "وظاهر الاستواء العلو والارتفاع كما نص عليه جميع أهل اللغة وأهل التفسير المقبول فلا يحتمل استواء الرب تبارك وتعالى على عرشه المعدى بعلى المعلق بالعرش، المعرف بالألف والام، المعطوف على خلق السموات والأرض بثم مطردًا في موارده بهذا الأسلوب ولا يحتمل إلا معنى واحد لا معنيين" انتهى ببعض التصرف. ٢ - وأما قوله: "إذ لا دليل على إرادته عينا". ونحن نقول بل هناك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف تعين المعنى الصحيح وهو استواء اللَّه على عرشه كما أخبر في كتابه استواء يليق بعظمته وجلاله. ٣ - وأما قوله: "نعم إن خيف على العامة عدم فهمهم الاستواء إلا باتصال ونحوه من لوازم الجسمية". ونحن نقول لا مخافة على العامة من فهم الاستواء بالاتصال ونحوه. فإن كتاب اللَّه وسنة نبيه الكريم قد تلقتهما الأمة بالقبول والتسليم ولم يتطرق إلى أذهان أحد منهم هذا المفهوم الخاطئ، وإنما يخاف على العامة من تأويلات أهل الكلام ودعاويهم الباطلة. روى البخاري في خلق أفعال العباد رقم (٦٣) قال: "وحذر يزيد بن هارون عن الجهمية وقال: =