للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضيفون الاسم إلى مخالفهم من أهل الهدي فيقولون أنتم القدرية حين تجعلون الأشياء جارية بقدر من اللَّه فأنتم أولى بهذا الاسم منا لأنكم تثبتون القدر ونحن ننفيه ومثبته أحق بالنسبة إليه من نافيه، فأنتم الداخلون تحت وعيد الحديث دوننا، فأجابهم أهل الحق بأنكلم أولى بذلك لأنكلم تثبتون القدر لأنفسكم ونحن ننفيه عن أنفسنا ومثبت الشيء لنفسه أولى بالنسبة إليه ممن نفاء عن نفسه، وأيضًا هذا الحديث يبطل ما قالوه فإنه عليه الصلاة والسلام قال: "القدرية مجوس هذه الأمة" ومعنى ذلك ليس إلا مشابهتهم للمجوس في مذهبهم وقولهم بالأصلين وهما النور والظلمة" (١) انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية روح اللَّه روحه: "من توهم من القدرية (٢) أو من غيره بن نقل عنهم أن الطاعة من اللَّه والمعصية من العبد فجاهل بمذهبهم فإن هذا لم يقله أحد من علماء القدرية ولا يمكن أن يقولوه فإن أصل قولهم أن فعل العبد للطاعة كفعله للمعصية كلتاهما فعله بقدرة تحصل له من غير أن يخصه اللَّه تعالى بإرادة خلقها فيه تختص بأحدهما ولا قوة جعلها فيه تختص بأحدهما فمن احتج منهم بقوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩] على مذهبهم كان جاهلًا بمذهبهم (٣) وكانت الآية الكريمة حجة عليهم لا لهم لأنه تعالى قال: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وعندهم ليس الحسنات المفعولة ولا السيئات المفعولة من عند اللَّه بل كلاهما من العبد واللَّه سبحانه وتعالى ذكر هذه الآية الكريمة ردًا على من يقول الحسنة من اللَّه والسينة من العبد قال


(١) انظر: جامع الأصول (١٠/ ١٢٨).
(٢) العبارة كذا في النسختين وفيها غموض وتوضيحها كما في الفتاوى: "من توهم عنهم (القدرية) أو من نقل عنهم أن الطاعة عن اللَّه. . . ".
(٣) في النسختين (بمذهبه) وما أثبت عن الفتاوى (ج ٨ ص ١١٦)؛ وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>