للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا صريح قول أهل السنة في إثبات مشيئة العبد وأنها لا تكون إلا بمشيئة الرب.

قال شيخ الإسلام: "هذا قول جمهور أهل السنة من جميع الطوائف وهو قول كثير من أصحاب الأشعري كأبي إسحاق الإسفرائيني (١) والجويني (٢) وغيرهما: فيقولون العبد فاعل لفعله حقيقة وله قدرة واختيار وقدرته مؤثرة في مقدورها كما تؤثر القوى والطبائع والأسباب كما دل على ذلك الشرع والعقل قال تعالى: {فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: ٥٧]، وقد أثبت للعبد استطاعة فقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقال: {هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: ١٥]، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: ٢٥]، وقال: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: ٢٢]، وفي القرآن من هذا ما لا يحصى إلا بكلفة، وقد ذكرت في شرح الدرة المسماة (٣) (بلوامع الأنوار) ما يشفي ويكفى (٤).


(١) إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفرائيني أبو إسحاق الشافعي الأصولي الفقيه، نشأ في اسفرائين ثم خرج إلى نيسابور وبنيت له فيها مدرسة عظيمة فدرس فيها وله مصنفات كثيرة في أصول الدين والفقه وأصوله، مات سنة ٤١٨. سير أعلام النبلاء (١٧/ ٣٥٣)؛ والأعلام (١/ ٦١).
(٢) الجويني تقدم (١/ ١٣٧).
(٣) في "ظ": المسمى وهو أصح.
(٤) انظر: لوامع الأنوار للشارح (ج ١/ ٣١٢ - ٣١٤)؛ ومنهاج السنة (٣/ ١١٠) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>