ومنهم من يقتصر على القول بأنه يتفاضل كالإمام عبد اللَّه بن المبارك.
وقد ثبت لفظ الزيادة والنقصان في الإيمان عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ولم يعلم لهم فيه مخالف منهم، وقد نطق القرآن بالزيادة في الإيمان في عدة آيات كقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال: ٢].
قال شيخ الإسلام: "وهذا يجده المؤمن إذا تليت عليه الآيات ازداد قلبه بفهم القرآن ومعرفة معانية من علم الإيمان ما لم يكن حتى كأنه لم يسمع الآية إلا حينئذ ويحصل في قلبه من الرغبة في الخير والرهبة من الشر ما لم يكن فيزداد علمه باللَّه ومحبته لطاعته وهذا زيادة الإيمان.
وقال تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران: ١٧٣]. فهذه الزيادة عند (تخويفهم)(١) بالعدو لم يكن عند آية نزلت فازدادوا يقينًا وتوكلًا على اللَّه وثباتًا على الجهاد وتوحيدًا بأن لا يخافوا المخلوق بل خافون اللَّه الخالق وحده.
وقال تعالى:{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا}[التوبة: ١٢٤]. وهذه الزيادة ليست مجرد التصديق بأن اللَّه أنزلها بل زادتهم بحسب مقتضاها فإن كانت أمرًا بالجهاد وغيره ازدادوا رغبة فيه، وإن كانت نهيًا عن شيء انتهوا عنه فكرهوه.
ولهذا قال:{وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} والاستبشار غير مجرد التصديق.
(١) في المخطوطتين (تخوفهم) والمثبت من كتاب الإيمان (ص ٢١٥) ومنه ينقل الشارح وهو الصواب.