قلت: لعل الخلاف الذي وقع بين أبي داود وابنه بسبب طلبه القضاء مما دعاه إلى أن يقول ذلك فقد ورد عنه أنه قال: "من البلاء أن عبد اللَّه يطلب القضاء". سير أعلام النبلاء (١٣/ ٢٢٨). وعلق عليه السيوطي بقوله: "هذا ليس بكلام بل تواضع". طبقات الحفاظ (ص ٣٢٦). أما كلام ابن صاعد وابن جرير وغيرهما فلا يقبل فيه فإن هؤلاء كان بينهم وبينه عداوة وهم من الأقران لا يقبل جرح بعضهم في بعض وقد كذب ابن أبي داود أيضًا ابن صاعد كما وارد عنه. لذا قال الذهبي: لا ينبغي سماع قول ابن صاعد فيه كما لا نعتد بتكذيبه لابن صاعد فقف في كلام الأقران بعضهم في بعض. تذكرة الحفاظ (٢/ ٧٧٢). وقد تقدم قول ابن عدي أنه لم يذكره في كتابه إلا لوجود الكلام حوله وقد اشترط ذلك على نفسه وإلا لما ذكره. وكذا قال الذهبي في الميزان: "إنما ذكرته لأنزهه". الميزان (٢/ ٤٣٦). وبهذا يتبين أن عبد اللَّه من كبار الأئمة الحفاظ ومن أهل الصدق والأمانة، وإن صح عنه شيء أيام شبيبته فهذا لا يضره، فقد كبر وساد وفاق الأقران. واللَّه أعلم. وهذه مصادر ترجمة عبد اللَّه: الكامل لابن عدي (٤/ ١٥٧٧)؛ وأخبار أصبهان لأبي نعيم (٢/ ٦٦ - ٦٧)؛ وتاريخ بغداد (٩/ ٤٦٤ - ٤٦٨)؛ وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلي (٢/ ٥١ - ٥٥)؛ والأنساب (٧/ ٨٥)؛ وتاريخ دمشق لابن عساكر الجزء الرابع والثلاثين المطبوع من حرف العين (ص ٧٣ - ٨٦)؛ وفي المنتظم لابن الجوزي (٦/ ٢١٨ - ٢١٩)؛ وفي وفيات الأعيان لابن خلكان =