للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف إذا رأيت ديار قوم ... وجيران لنا كانوا كرام (١)

ورد بذلك أبو العباس محمد بن يزيد وزعم أن (كانوا) لها اسم وخبر واسمها الواو التي فيها وخبرها لنا التي

قبلها، كأنه قال: وجيران كانوا لنا، والأظهر كلام الخليل ولنا من صلة جيران، وكانوا دخولها غير مغير للكلام، كأنه قال: وجيران لنا كرام، وأدخل كانوا وجعل فيها ضمير الجيران، كما يجعل في كان الموحدة ضمير ما جرى ذكره في معنى كان الأمر وخلق، ولا تدخل شيئا من الكلام في اسم لها ولا خبر.

قال سيبويه: " إن من أفضلهم كان رجلا يقبح لأنك لو قلت: إن من خيارهم رجلا ثم سكتّ كان قبيحا حتى تعرفه بشيء أو تقول: رجلا من أمره كذا وكذا، وقال إنّ فيها كان زيد على قولك إنه فيها كان زيد، وإلا فإنه لا يجوز أن يحمل الكلام على إنّ ".

لأنه لا بد لها من اسم، فإذا لم يكن بعدها اسم فلا بد من إضمار الهاء ليكون اسما.

وقال: " إنّ أفضلهم كان زيد وإنّ زيدا ضربت على قوله إنه زيدا ضربت، وأنه كان أفضلهم زيد، وهذا قبيح وفيه ضعف وهو في الشعر جائز، ويجوز أيضا على قوله إن زيدا ضربته وإنّ أفضلهم كأنه زيد فتنصبه على إنّ وفيه قبح، كما كان في إنّ ".

قال أبو سعيد: هذه المسائل كلها فيها حذف ما يقبح حذفه؛ لأن قوله إن أفضلهم كان زيد، إن نصبت أفضلهم بأن فخبر كان محذوف وتقديره إن أفضلهم كأنه زيد، وإن نصبته بخبر كان فالهاء من إن محذوفة، والجملة خبرها، وتقديره أنه وهما جميعا قبيح يجوز في الشعر، وإن زيدا ضربت، إن نصبت زيدا بضربت فالهاء محذوفة من إن، كأنه قال إنه زيدا ضربت، وإن نصبت زيدا ب (إن) فالهاء محذوفة من ضربت، كقولك زيدا ضربت في معنى ضربته، وقد مضى الكلام في حذفها.

قال: " وسألت الخليل عن قوله تعالى: وَيْكَأَنَّ اللَّهَ (٢) فزعم أنها وي مفصولة من كأن، والمعنى وقع على أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم، أو نبهوا فقيل لهم أما بشبه أن يكون ذا عندكم هكذا. والله أعلم. فأما المفسرون فقالوا: ألم تر أن الله. وقال زيد بن عمرو بن نفيل:

سألتاني الطلاق أن رأتاني ... قل مالي قد جئتماني بنكر


(١) البيت في ديوانه ٨٣٥، والمقتضب ٤/ ١١٦، والكتاب ١/ ٢٨٩.
(٢) سورة القصص، من الآية ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>