عن مسلك التقرير، وعسر التئامها في منهج التأويل ومن انتهى به الأمر إلى ذلك فالسلامة في التسليم مع نفي التشبيه.
ومن ذهب فيه إلى معنى التجلي له بنعت العظمة والإقبال عليه بوصف الكبرياء في اليوم الموعود حتى يتضايق عن احتمال ما قد غشيه من ذلك، فلم يبعد عن الحق؛ لما في كشف الحجاب من معنى النزل عن معارج الجلال إلى معالم الجمال. وفي قوله:(وهو يسعه [١٩٢/أ] ما بين السماء والأرض]، تنبيه على أن الكرسي ليس بمنهبط من مستقره الذي هو عليه؛ لأنه إذا وسعه السموات والأرض لم تكن السموات والأرض لتسعه.
هذا وقد أخبرنا الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - أن الكرسي فوق السموات، ولا جائز أن نقول: إن الكرسي ينزل إلى السموات للمانع الذي ذكرناه، بل نقول: إن الكرسي إذا طويت السموات انكشفت للناظرين، وذلك بروزه لفصل القضاء.
وإذا كان الكرسي ممتنعاً بوصفه الذي هو عليه عن النزول إلى العالم الذي هو تحته ودونه، وصار الكرسي محتوياً عليه ومحيطاً به، مع أنه من جملة الأجسام التي يجوز عليها التحول والانتقال، فما ظنك بمن لا يستولى عليه صفات الأجسام، ولا تجرى عليه أحكام الحدثان، تعالى وتقدس عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
والمراد عن القيام على اليمين قيامه مقام الكرامة وقد ذكرناه فيما مر.
وفيه: (بريطتين). الريطة: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، ولم تكن لفقتين.
[٤٢١٨] ومنه قول عمر- رضي الله عنه- في حديث أنس- رضي الله عنه:(إن شاء أن يدخل خلقه بكف واحدة فعل).