للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٢٩٨] ومنه حديث أنس رضي الله عنه: (لما صور الله آدم في الجنة .. الحديث) أرى هذا الحديث مشكلاً جداً، فقد ثبت بالكتاب والسنة أن آدم خلق من أجزاء الأرض، فإن قيل: يحتمل أن طينته خمرت في الأرض، ثم حملت إلى الجنة، فصور فيها. قلنا: قد اشتهر في أخبار الأولين والآخرين أنه خلق من طين، ثم تركه حتى صار صلصالاً كالفخار، وأنه كان ملقى ببطن نعمان، وهو من أودية عرفات.

وفي حديث فضل يوم الجمعة: (فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها) وهو حديث صحيح، وقد دل على أنه أدخل الجنة وهو بشر حي، ويؤيده المفهوم من نص الكتاب: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} ولو أخذنا بظاهر هذا الحديث لزم منه أنه خلق في الجنة، ثم أخرج منها، ثم أعيد إليها، ثم أخرج منها، وهذا قول يخالف نصوصاً كثيرة، فلا أرى الوجه فيه إلا احتمال أن يكون الكلمتان، أعني في الجنة، سهواً من بعض الرواه، أخطأ سمعه فيه، ولأن نقدر هذا التقدير أبر وأتقى من إحالة القول المتضاد على من عصمه الله من الخطأ فيما يخبر عنه - صلى الله عليه وسلم - أبد الآبدين ودهر الداهرين.

[٤٢٩٩] ومنه حديثه الآخر- رضي الله عنه- (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (يا خير البرية .. الحديث) قلت: لا يلزم من هذا أن يكون أحد من ولد آدم خيراً منه، لاحتمال أن يكون قوله هذا على سبيل التواضع وهضم النفس، ولاحتمال أن إبراهيم- عليه السلام- كان يدعى بهذا النعت، أو خوطب به عن الله، اعتباراً بزمانه، فغن البرية على الحقيقة تطلق على من برأه الله قبل إبراهيم، أو في زمانه، أو على من لم يخلق بعد، ولابد لنا من القول بأحد الوجهين؛ لئلا يخالف النصوص الصحيحة [١٩٥/ب) التي وردت في فضل سيد المرسلين على سائر الأولين والآخرين - صلى الله عليه وسلم - أولاً وآخراً.

[٤٣٠٠] ومنه حديثه الآخر: (اختتن إبراهيم النبي عليه السلام .. الحديث) القدوم- بتخفيف الدال- موضع بالشام، ومن المحدثين من يشدد، وهو خطأ، ومن الناس من يظن أنه اختتن بالقدوم الذي ينحت به، وهو غلط. وبالمدينة جبل يقال له: قدوم، ومنه الحديث: (بطرف القدوم) وأكبر ظني أن هذا بالتشديد.

[٤٣٠١] ومنه حديث أبي هريرة- رضي الله عنه: (لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات .. الحديث).

<<  <  ج: ص:  >  >>