وفيه:(وصاحب السر الذي [٣٣٥] لا يعلمه غيره) قد أشرنا إلى اختصاصه بعلم أسماء المنافقين لذلك.
[٤٧١٠] ومنه حديث جابر- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أريت لجنة، فرأيت امرأة أبي طلحة .. الحديث) امرأة أبي طلحة هي أم سليم أم أنس، وتلقب بالرميصاء.
[٤٧١٢] ومنه حديث أبي موسى- رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:(يا أبا موسى، لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود). المزمار: واحد المزامير التي تضرب، وقد يستعار في الصوت الحسن، وهو المراد به في الحديث، وأراد بآل داود نفس داود. ويريد: إنك أوتيت لحنا طيبا من ألحان داود عليه السلام.
[٤٧١٣] ومنه حديث أنس- رضي الله عنه-: (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك .. الحديث).
قلت: الوجه في قراءة على أبي أن يصرف إلى قراءة التعليم لا إلى قراءة التعلم، وقراءة المعلم على الذي يتعلم أبلغ في التعليم من قراءة المتعلم عليه؛ لان المتعلم إذا تفرغ للاستماع كان ذلك أضبط للحرف الذي يقرأ به، وأمكن له من القراءة على وجهها عند الأداء، وأما تخصيص أبي بذلك؛ فلأنه كان إماما في القراءة، أخذ منه قراء التابعين، ثم إنه كان من الأنصار، وهم وإن كانوا من أهل اللغة الفصيحة، فإن لهجتهم في التنزيل لم تكن تقع موقع لهجة المهاجرين في حسن التلاوة وصحة التأدية، فإن القرآن بلغة قريش، فافتقر هو إلى أخذ حسن الأداء من النبي - صلى الله عليه وسلم - افتقاره إلى تعلم القرآن، وكان بالمهاجرين غنية عن ذلك، ثم إن الله- تعالى- أحب أن يجعله أسوة لمن بعده في ذلك؛ لئلا يمتنع أحد عن القراءة على من دونه في العلم والمنزلة.