[٤٩١] ومنه: حديث أبي أمامة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة كلهم ضامن على الله).
(كلهم) أي: كل واحد (ضامن على الله أي: ذو ضمان، وقيل: فاعل بمعنى مفعول، أي: مضمون. ومعناه: أن الله تعالى تكفل له بما ذكر من الجنة أو الأجر والغنيمة؛ فيوفيه إحدى [٧٥/أ] الحسنيين. وإنما ذكر الشيء المضمون به في أول الثلاثة؛ ولم يذكره في الثاني والثالث؛ اكتفاء بما دل عليه المضمون به في الأول، وبيان ذلك: أن الذي يجاهد في سبيل الله إنما يبتغي الشهادة وثواب الجهاد في سبيل الله والغنيمة؛ فذكر - صلى الله عليه وسلم -: أن الله تعالى تكفل له بإحدى الحسنيين؛ فكذلك الذي يروح إلى المسجد: فإنه يبتغي فضل الله ورضوانه ومغفرته فهو ذو ضمان على الله ألا يضل سعيه، ولا يضيع أجره؛ بل يؤتيه من فضله ورحمته على حسب ما يليق به سبحانه إذا تكفل بشيء!
وفيه: (ورجل دخل بيته بسلام): الأكثرون يذهبون إلى أن الذي دخل بيته بسلام هو الذي يسلم على أهله إذا دخل بيته.
وقد ذهب بعض أصحاب المعاني: إلى أنه هو الذي يلزم بيته؛ طلبا للسلامة، وهربا من الفتن، ويكون المعنى: دخل بيته سالما من الفتن؛ كقوله تعالى:{ادخلوها بسلام} أي: سالمين من العذاب والعوارض والآفات.
قلت: وكأن في الوجه الأول- وإن كان ظاهرا من حيث اللفظ- عدولا من حيث المعنى عن طريق المناسبة، وشذوذا عن جوار المشاكلة والمجانسة.
وأرى الوجه الآخر أولى بالاختيار، لتناسب ما بين المعاني الثلاثة، وهي: الجهاد في سبيل الله، والرواح إلى المسجد لإقامة الفريضة، ولزوم البيت اتقاء الفتن.
وعلى هذا فالمضمون به: ضمان الله له، ورعايته، وجواره عن الفتن.
وعلى الوجه الأول: فالمضمون به: أن يبارك عليه وعلى أهل بيته؛ للحديث الذي يرويه أنس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه قال له:(يا بني، إذا دخلت على أهلك فسلم- يكون بركته عليك وعلى أهل بيتك).
[٤٩٢] ومنه: حديثه الآخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه قال:(من خرج من بيته متطهرا ... الحديث): لم أر