للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحمدة الذي جبل عليه الإنسان، ونظرا إلى سلامته من العوارض والموانع التي تصيبه في المسجد، بخلاف البيت فإنه يخلو هنالك بنفسه فيسد مداخل تلك الآفات والعوارض. فعلى الوجه الأول والثاني إذا أدى الإنسان بعض نوافله في البيت فقد خرج من عهدة ما شرع له، وعلى الوجه الثالث فإنه إذا تمكن عن أداء نافلته في المسجد عارية عن تلك القوادح والعوارض لم تتأخر صلاته تلك عن صلاته في البيت فضيلة. وأرى في قوله - صلى الله عليه وسلم - (لا ينصبه إلا إياها) إشارة إلى هذا المعنى وهو أن لا يشوب قصده ذلك شيء آخر فلا يزعجه إلا القصد المجرد لخروجه إلى الصلاة سالما عن الآفات التي أشرنا إليها.

وفيه (وصلاة على إثر صلاة كتاب في عليين) أي: عمل مكتوب في عليين أو مرفوع، وقد اختلف في معنى عليين فقيل هو اسم أشرف الجنان كما أن سجين اسم شر النيران، وقيل هو في الحقيقة اسم سكانها وقيل هو علم لديوان الخير الذي دون فيه أعمال الصالحين من ذوي التكليف منقول من جمع على فعيل من العلو وهذا أولى الأقاويل بالتقديم وإنما سمي عليون لأنه مرفوع في السماء السابعة تكريما وتبجيلا له أو لأنه سبب الارتفاع إلى أعلى الدرجات وأرفع المقامات في الجنة.

[٤٩٦] ومنه: حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد.

قلت: التناشد أن ينشد كل واحد من المتناشدين صاحبه [نشيدا] لنفسه أو لغيره وأكثر ما يوجد ذلك على وجه المباهاة والعصبية أو على وجه التفكه بما يستطاب من تزجية للوقت بما تركن إليه النفس ويستحليه الطبع [٧٧/أ]؛ وأما ما كان منه في مدح الحق وأهله وذم الباطل وذويه أو كان فيه تمهيد لقواعد الدين أو إرغام لمخالفيه؛ فإنه خارج عن القسم المذموم وإن خالطه النسيب وتساوقه الغزل. وقد كان ينشد

<<  <  ج: ص:  >  >>