الصبي، فيخفف مخافة أن يفتن أمه، فإن قيل: إضافة معاذ النفاق إلى رجل من الصحابة لم يعرف منه قط، أطم وأعظم من صنيعه ذلك فلم جعلت علة التوبيخ إطالة الصلاة دون قوله ذلك.
قلت: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر عليه إطالة الصلاة دون قوله، وبين ذلك في بعض طرق هذا الحديث: أفتان أنت يا معاذ؟! ألا قرأت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها.
وإنما لم يتعرض لقوله ذلك، ولم يوبخه عليه؛ لأن الصلابة في الدين تحمل على ذلك القول، بعد أن رأى التشابه بين صنيع الرجل وصنيع المنافقين، فعذره فيه ولم يعذره في إطالة الصلاة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بين لهم معالم الدين وعلمهم كيفية إقام الصلاة، وأمرهم بالاقتداء به، ولم يكن فيما شرع لهم أن يصلي الرجل بالقوم على وجه يفضي بهم إلى ترك الجماعة، وقول معاذ للرجل إنه منافق نظير قول عمر- رضي الله عنه- لحاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين بمكة: إنه منافق، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (كلا إنه من أهل بدر ...) الحديث. ولم ينه عمر- رضي الله عنه- عن مقالته تلك، ولم يؤنبه عليها، فكأنه عذره؛ من حيث وجد صنيع حاطب شبيه صنيع المنافقين.
وفيه (نقى بنواضحنا)، الناضح: البعير يستقى عليه، والأنثى ناضحة وسانية، والنضاح الذي يسوق السانية.
وفيه (فتجوزت)، تجوز في صلاته خفف بها وأسرع بها، وهو من الجوز الذي بمعنى القطع.
وأما قولهم: تجوز في كلامه أي تكلم بالمجاز؛ فالتجوز في الكلام غير التجوز في الصلاة؛ لافتراق المأخذين.