[١٥٦٩] ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(قال الله تعالى: لن يتقرب إلي أحد بمثل ما فرضت عليه ..) الحديث يعد هذا الحديث من مشكلات الأحاديث، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، والذي يشكل منه قضيتان: إحداهما (١٨٦/أ)(فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ..) الحديث. والأخرى:(وما ترددت في شيء أنا فاعله).
فأما معنى قوله:(كنت سمعه الذي يسمع به) إلى تمام الفصل أي: أجعل سلطان حبي غالبا عليه حتى [يسلب عنه] الاهتمام بشيء غير ما يقربه إلي، فيصير [متخلفا] عن الشهوات، ذاهلا عن الحظوظ والملذات حيثما تقلب وأينما توجه لقى الله تعالى بمرأى منه ومسمع، لا تطور حول حاله الغفلة، ولا يحول دون شهوده الحجبة، ولا يعتري ذكره النسيان، ولا يخطر بباله الأحداث والأعيان، يأخذ بمجامع قلبه حب الله، فلا يرى إلا ما يحبه، ولا يسمع إلا ما يحبه، ولا يفعل إلا ما يحبه، ويكون الله سبحانه في ذلك يدا ومؤيدا وعونا ووكيلا، يحمي سمعه وبصره ويده ورجله عما لا يرضاه، فذلك معنى قوله:(كنت سمعه الذي يسمع به ...) الحديث. وحقيقة هذا القول ارتهان كلية العبد بمراضي الله، وحسن رعاية الله له،