للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليت شعري وأشعرن إذا ما .... قربوها مطوية ودعيت

إلى الفضل أم علي إذا حوسب ... ت إني على الحساب مقيت

قلت: وقد ذكر ابن الأنباري عن أبي عبيدة أنه قال: المقيت: الموقوف على الشيء، وأنشد البيتين، ولو كان الأمر على ما نقله عنه لم يتعلق هذا التفسير بما نحن فيه من تفسير أسماء الله تعالى، وإنما معنى قوله: إني على الحساب مقيت - أي: أعرف ما عملت من سوء، فإن الإنسان على نفسه بصيرة، على هذا فسره ثعلب وغيره.

ومنه: الحسيب وهو المحاسب {وكفى بالله حسيبا} أي: رقيبا يحاسبهم عليه، وهو الكافي أيضا بمعنى مفعل، كأليم بمعنى مؤلم، من قولهم: أحسبني أي: أعطاني ما كفاني.

ومنه: الواسع الغني، الذي وسع غناه مقافر عباده، ووسع رزقه جميع خلقه، ويصح أن يكون الواسع الذي يسع لما يسأل، وقيل هو المحيط بكل شيء، قال الله تعالى: {وسع كل شيء علما} أي أحاط بكل شيء علما، قال أبو عبيدة:

حمال أثقال أهل الود آونة .... أعطيهم الجهد مني بله ما أسع

أي أعطيهم ما لا أجده إلا بالجهد فدع ما أحيط به وأقدر عليه.

ومنه: الودود، وهو المحب لعباده، فيكون بمعنى الواد، وفيه وجه آخر، وهو أن يكون المفعول أي المودود في قلوب أوليائه، بما ساق إليهم من المعارف، وأظهر لهم من الألطاف.

ومنه: الشهيد، وهو الذي لا يغيب عنه شيء، والعبرة فيه بمعنى الحضور أي: الحاضر الذي لا يعزب عنه شيء، وقيل: المتحقق كونه: وهو وجوده، والأصل في الحق المطابقة. والله - تعالى - هو الحق لأنه الموجد للشيء على ما تقتضيه الحكمة، وقد مر القول فيه.

ومنه: الوكيل، قيل هو الكافي، وقيل الكفيل بارزاق العباد، والأصل في التوكيل أن تعتمد على الرجل وتجعله نائبا عنك، قال الله تعالى: {وكفى بالله وكيلا} أي: اكتف به أن يتولى أمرك، ويتوكل لك.

ومنه القوي، والمراد به الذي لا يستولى عليه العجز في حالة من الأحوال بخلاف حال كل مخلوق ومربوب.

ومنه: المتين، وهو (١٨٩/أ) الشديد القوة، الذي لا يعتريه وهن ولا يمسه لغوب، والمعنى في وصفه بالقوة والمتانة أنه قادر بليغ الاقتدار على كل شيء، والذي يفسر المتين، بالقوي فإنه لم يصنع شيئا، لأنهما يدلان في الكتاب على وصفين: قال تعالى: {ذو القوة المتين}، فإن قيل: فقد قرئ المتين بالجر صفة للقوة، قلنا: العبرة فيه بقراءة الجمهور، لاسيما الآية السابقة فإنهم اتفقوا على الرفع، وقد رواه بعضهم بالباء ذات النقطة الواحدة، ولا اعتداد بتلك الرواية لورود هذا الاسم بالتاء في كتاب الله، ثم لورود الرواية فيه بطريق أثبت منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>