للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - بمسميات الجنس، فيلزمنا الوقوف على الحد الذي أوقفنا عليه، والتسليم لما يخبر به عن الغيب، فمن ابتغى التجاوز عن الحد المحدود له في هذا القسم؛ فهو مبتغ للفتنة، مبتغ للمتشابه؛ للزيغ الذي في قلبه، عصمنا الله عن ذلك، ووفقنا للانتهاء عما نهينا عنه، والائتمار لما أمرنا به.

ومنه قول عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه-: هجرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ..) التهجير: السير في الهاجرة، وكذلك التهجر، ومنه قول النابغة:

خليلي غضا ساعة وتهجرا

والتهجير أيضا بلوغ النهار وقت الهاجرة، قال امرؤ القيس:

فدعها وسل الهم عنك بجسرة .... ذمول إذا صام النهار وهجرا

[١٠٦] ومنه حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ذروني ما تركتكم .. الحديث) قلت: إنما كان كثرة السؤال والاختلاف على الأنبياء سببا للهلاك؛ لأنهما من أمارات التردد في أمر المبعوث، وإساءة الأدب بين يديه، ومن حق المبعوث إليه أن يعلم أن الله بعث نبيه إليه ليعرفه مصالح معاده ومعاشه، ويبصره بمعالم دينه، ولا جائز أن يسكت عند الحاجة، أو يتكلم على خلاف المصلحة، أو يغفل عن مواطن الضرورة، فإن الله- تعالى- لم يجعله مستعدا لنبوته ولا أمينا على وحيه، إلا وقد تكفل له بالإصابة، وأيده بالهداية إلى الأرشد والأصلح، فعلى المبعوث إليه أن يلقي سمعه إليه، ويشهد بقلبه بين يديه، ويغتنم سكوته إذا سكت، وكلامه إذا تكلم، ويسد دونه باب الاختلاف، ويجتنب معه عن مظان الاعتراض، فمهما عود نفسه كثرة السؤال، وفتح عليها باب الاختلاف؛ حرم بركة الصحبة، فابتلي بسوء الأدب، وذلك منشأ الوبال، ومطلع الهلاك، وهؤلاء الصوفية يقولون: من قال لأستاذه: لم، لا يفلح أبدا، فما ظنك بمن تولاه الله بالعصمة في أحواله، وأمر عباده بالتسليم والائتساء دون أقواله وأفعاله - صلى الله عليه وسلم - أبد الآبدين.

[١٠٧] ومنه: حديث سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما ... الحديث) قد عرفنا- بنص الكتاب- أن قد كان من الطيبات ما حرمه الله- تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>