على الحقيقة الخير والشر، ولو أريد به المكان لم يكن لقوله:(وخير المخرج) مكان قد خرج منه وجه، وإنما أراد الخير الذي يأتيه من قبل الولوج والخروج، ويقترن بهما ويتوقع منهما.
[١٦٩٧] ومنه: حديث أبي هريرة- رضي الله عنه:(أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفأ الإنسان الحديث) رفأ أي هنأة ودعا له، والأصل فيه: أنهم كانوا يقولون للمتزوج: بالرفاء والبنين، وقد رفأت رفأ وترفية وترفياً: إذا قلت له ذلك، والرفاء: بكسر الراء والمد الالتئام والاتفاق، وقيل: معناه: بالسكون والطمأنينة، ويكون من قولهم: رفوت الرجل: إذا أسكنته منا لرعب، قال أبو خراش الهذلي واسمه خالد:
رفونى وقالوا يا خويلد لم ترع .... فقلت وأنكرت الوجوه هم هم
وعلى هذا: همزتها غير أصلية.
قلت: وقد ورد النهي عن قولهم: بالرفاء والبنين، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول مكان قولهم هذا ما رواه الراوي عنه وإنما نهى عنه، لكونه من عادات (١٨] الجاهلية، فرأى أن يبدلهم مكانها سنة إسلامية، وقد كان في قولهم: (والبنين) تنفير عن البنات، وتقري لبغضهن في قلوب الرجال، وكان ذلك الباعث على وأد البنات.
ثم إن قولهم لكل مملك (بالرفاء والبنين) قول زائغ عن سنن الصواب، وقد قال الله تعالى:{يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً} إذ الاستجابة في حق الجميع غير ممكن، ولم