موضع على ستة أميال من مكة، وقيل على سبعة، وهو مذكر مصروف ومن أصحاب الحديث من يرى أنه غير منصرف فيرويه مفتوحة الفاء.
وقد غلط بعضهم في حديث عمر- رضي الله عنه- أنه حمى السرف والربذة، فرواه بالسين المهملة، ورأى أن بالمدينة موضعاً آخر يسمى سرفاً، وليس بصحيح، وإنما هو بالشين المعجمة. كذلك رواه ابن وهب المصري، وصوبه أهل العلم فيه.
وفيه:(لعلك نفست) أي: حضت، يقال: نفست المرأة ونفست: إذا ولدت فإذا حاضت، قلت: نفست- بفتح النون لا غير. وفيه:(حتى تطهري) الرواية فيه بالتخفيف.
(ومن الحسان)
[١٧٩٥] حديث ابن عباس-رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(نزل الحجر الأسود من الجنة ..) الحديث: هذا الحديث أخرجه أبو عيسى (٣٧/أ/ج ٢) في كتابه، وذكر أنه حديث حسن صحيح، ووجدنا لفظ كتابه فيما نعتمد عليه من النسخ التي قام بتقويمها أقلام الحفاظ:(نزل الحجر الأسود) بغير ألف ولام، على صيغة الإضافة، وقد ذكرنا فيما تقدم أن العرب ربما أضافت الشيء إلى نفسه عند اختلاف اللفظين؛ كقولهم: مسجد الجامع، ومثله قولنا في: حجر الأسود.
وهذا يحتمل أن يراد منه ما دل عليه الظاهر، ويحتمل أن يؤول على ما يستقيم عليه المعنى من باب الاتساع، ولسنا نرى- بحمد الله- خلاف الظواهر في السنن إلا إذا عارضه من السنن الثوابت ما يحوج إلى التأويل، أو وجدنا اللفظ في كلامهم بين الأمر في المجاز والاستعارة، فسلكنا به ذلك المسلك، وإذ قد عرفنا من أصل الدين بالنصوص الثابتة أن الجنة وما احتوت عليه من الجواهر مباينة لما خلق في هذه الدار الفانية في حكم الزوال والفناء، وإحاطة الآفات بها، فإن ذلك خلق خلقاً محكماً غير قابل لشيء من ذلك وقد وجدنا الحجر أصابه الكسر حتى صار فلقاً، وذلك من أقوى أسباب الزوال لم نستبعد فيه مذهب التأويل، وذلك بأن نقول: جعل الجحر لما وضع فيه من الأنس والهيبة واليمن والكرامة كالشيء الذي نزل من الجنة، وأراد به مشاركته جواهر الجنة في بعض أوصافها، ومثله قول - صلى الله عليه وسلم -: (العجوة من الجنة) وقد علمنا أنه أراد بذلك مشاركتها ثمار الجنة في بعض ما جعل فيها من الشفاء والبركة بدعائه - صلى الله عليه وسلم - بذلك فيها، ولم يرد ثمار الجنة نفسها، للاستحالة التي شاهدنا فيها، كاستحالة غيرها من الأطعمة، ولخلوها عن النعوت، والصفات الواردة في ثمار الجنة. وتأويل قوله:(نزل من الجنة) أي الصفات الموهوبة لها، قال الله