قال ابن عباس. ولو ثبت عنه -أيضا-: (لا حصر إلا حصر العدو): فالسبيل أن يأول، لئلا يخالف حديث خجاج عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[وليوافق رواية] سعيد بن جبير، عنه.
ورأيت التأويل الجامع بين ما ذكره أن نقول:(لا حصر إلا حصر العدو) بمثابة قول من قال: (لا هم إلا الدين؛ وذلك لأن الحصر بالعدو من أطم أسباب الحصر؛ لأنه متعلق بالعموم، وغيره متعلق بالخصوص والأفراد، كما كان من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، حين صد عن البيت، وأحصر بالعدو: أحصر هو وسائر من معه، [....] واحد من القوم، لم يكن كذلك، فهذا معني قوله: (لا حصر إلا حصر العدو).
فإن قيل: فما وجه قوله: (فقد حل) المتمسك [] بهذا الحديث يرى أن المحصر ليس له أن يحل حتى يبلغ الهدى محله، وعنده أن محله، مكانه الذي يجب أن ينحر به، وهو الحرم، فكيف بقوله:(فقد حل) ولم يبلغ الهدى محله؟
قلنا:[٦٥] قد قيل: عن وجهه: وقد حل له أن يعل من غير أن يصل إلى البيت، ومثله قولك للمرآة إذا انقضت عدتها:(قد حلت للرجل) يعني: أن يخطبها وبعقد عليها.
ويجوز أن يكون بمعني المقاربة، أي: قرب ذلك وجاز، كقولك: من بلغ ذات عرق، فقد حج.
[١٩٠٩] ومنه: حديث عبد الرحمن بن يعمر الدئلي - رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:(الحج عرفة ..... الحديث):
أي: معظم الحج وملاكه الوقوف بعرفه، وذلك مثل قولهم: المال الإبل، وإنما كان ذلك ملاكه وأصله؛ لأنه يفوت بفواته، ويفوت الوقوف لا إلى بدل.
وفي بعض طرق هذا الحديث:(الحج عرفات)، وكلاهما اسم للموضع الذي يقف به الحاج، وكل ذلك خارج عن الحرم، وقد قال أهل اللغة: إن (عرفات) اسم على لفظ الجمع، ولا يجمع، وقال الفراء: لا واحد له بصحة، وقول الناس: نزلنا بعرفة شبيه بمولد، وليس بعربي محض، وهي معرفة، وإن كان جمعا؛ لأن الأماكن لا تزول [......] وكالشيء الواحد.
قلت: ولا يلزمنا تقليده في قوله: (إنه شبيه بمولد) وقد ورد بلفظ الواحد في السنن ورودا لا مدفع له