للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهر إلى أن العَقِيقَةَ واجبةٌ فرضًا، منهم داود وغيره. قالوا: لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بها وعَمِلَ بها وقال: "الغُلامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِه" و"مع الغُلام عَقِيقَتُه"، وقال: "عن الجَارِيَة شَاةٌ وعن الغُلامِ شَاتانِ"، ونحو هذا من الأحاديث، وكان بُرَيْدَةُ الأسْلَمِىُّ يُوجِبُها ويشبِّهها بالصلاة، وكان الحَسَنُ البصريُّ يذهب إلى أنها واجبةٌ عن الغُلامِ يومَ سابعِه، فإن لم يُعَقَّ عنه، عقَّ عن نفسهِ (١).

وقال اللَّيثُ بنُ سَعْدٍ: يُعَقُّ عن المولود أيَّام سَابِعِهِ في أيِّها شاؤوا، فإنْ لم يتهيَّأ لهمُ العقيقةُ في سابعهِ، فلا بأسَ أن يُعَقَّ عنه بعد ذلك، وليس بواجبٍ أن يُعَقَّ عنه بعد سبعةِ أيّامٍ. فكان اللَّيثُ بنُ سعدٍ يذهب إلى أنها واجبةٌ في السَّبْعَةِ الأيَّامِ.

وكان مالكٌ يقول: هي سنَّةٌ واجبةٌ يجبُ العملُ بها. وهو قَولُ الشّافِعِيّ، وأَحْمَدَ بنِ حَنْبَل، وإسْحَاق، وأبي ثَوْر، والطَّبريِّ". هذا كلام أبي عمر (٢).

قلت: والسنَّةُ الواجبةُ ـ عند أصحاب مالك ـ ما تأكَّد استحبابُه وكُرِهَ تَرْكُهُ، فيسمُّونه واجبًا وجوبَ السُّنَنِ؛ ولهذا قالوا: غُسل الجمعة سنةٌ


(١) انظر: المحلّى لابن حزم: ٧/ ٥٢٤ ـ ٥٢٧، التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام لأبي يعلى: ٢/ ٢٣٥.
(٢) في التمهيد: ٤/ ٣١١ وما بعدها، والاستذكار: ٥/ ٥٥٠ - ٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>