للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحقيقُ أنْ يُقال: لما خفَّف اللهُ عن الأُمَّة بإباحةِ الجماع ليلةَ الصَّوْمِ إلى طُلوعِ الفجرِ، وكان المُجامِعُ يَغْلبُ عليهِ حُكْمُ الشّهوةِ، وقضاءُ الوَطَرِ حتى لا يكادُ يخطُر بقلبهِ غيرُ ذلك، أَرْشَدَهُمْ ـ سبحانه ـ إلى أنْ يَطلُبوا رِضَاهُ في مثلِ هذه اللَّذةِ، ولا يُبَاشِرُوهَا بِحُكْمِ مجرَّدِ الشهوةِ، بل يَبْتَغُوا (١) بها ما كَتبَ اللهُ لهم من الأَجْرِ والوَلَدِ الذي يَخرُجُ من أصْلابِهم يَعْبُدُ اللهَ لا يُشْركُ به شيئًا، ويبتغوا (٢) ما أباحَ اللهُ لهم من الرُّخْصةِ بحُكْمِ محبَّته لقَبولِ رُخَصِهِ (٣)، فإنَّ اللهَ يحبُّ أن يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ كما يَكْرَهُ أَنْ تُؤتَى مَعْصِيَتُهُ (٤)، ومما كَتَبَ اللهُ لهم (٥): ليلة القدرِ،


(١) في "ج": يبتغون.
(٢) في "ج": يبتغون.
(٣) في "أ": رخصته.
(٤) أخرج الإمام أحمد في "المسند": ٢/ ١٠٨ وفي طبعة الرسالة:١٠/ ١٠٧، عن ابن عُمَر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله يُحبُّ أَنْ تُؤتَى رُخصُهُ كما يَكره أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيتُه". وهو حديث صحيح، وقد روي من حديث جماعة من الصحابة، فأخرجه: ابن حبان في صحيحه برقم (٢٧٤٢ و ٣٥٦٨) وفي الثقات: ٧/ ١٨٦، والبيهقي: ٣/ ١٤٠، والطبراني في الكبير:١٠/ ٣٠ و ١١/ ٣٢٣. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٣/ ١٦٢: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والبزار والطبراني في الأوسط وإسناده حسن".
(٥) في (أ، ب، ج): كُتِب لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>