وقال: إن العصب جُعِل داخلًا وخارجًا، وجُعِل الرأس بين العاتقين، والعضدان والساعدان في الجانبين، وفرِّج ما بين الرجلين أيضًا، وجُعل في كل مَفْصِلٍ من المَفَاصِل عصب يوثقه ويشدُّه.
قلت: وهو الأسر الذي شُدَّ به الإنسان.
قال: وجُعل الفم ينفتح من تلقاء نفسه، وركب الأنف والأذنان من اللحم، وثُقِبَت الأذنان ثم العينان بعد ذلك، ومُلِئَتا رطوبة صافية.
وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في سجوده:«سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذي خلَقَهُ وصوَّرهُ وشقَّ سَمْعَهُ وبَصَرَهُ»(١). و «الواو» وإن لم تقتضِ ترتيبًا، فتقديمُ السمع في اللفظ يناسب تقدُّمَه في الوجود. ثم تتسع الأمعاء بعد ذلك، ويصير لها تجويف، وترتبط المفاصل، ويرتفع النَّفَس إلى الفم والأنف، ويدخل الاستنشاق في الفم والأنف، وينفتح البطن والأمعاء، ويخرج النَّفَس إلى الفم بدل السُّرّة. فإذا تمَّ ما ذكرنا حضر وقت خروج الجنين، ونزلت فضول من معدته وأمعائه إلى المثانة، ويكون لها طريق من المعدة والأمعاء إلى المثانة، ومنها إلى مجرى البول، وإنما تنفتح هذه كلها ويتسع تجويفها بالاستنشاق، وبه ينفصل بعضها عن بعض على قدر أشكالها.
(١) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه: ١/ ٥٣٥ برقم (٧٧١) من حديث علي رضي الله عنه.