للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْلادَهم ـ بزعمهم ـ حين يَصْبُغُونَهُم (١) في المعموديَّة (٢)، ويقولون: الآنَ صارَ نَصْرَانِيًّا، فشرع الله سبحانه للحنفاء صبغة الحنيفية، وجَعلَ مِيْسَمَهَا الختانَ فقال: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة/ ١٣٨] (٣).

وقد جعل الله سبحانه السِّماتِ علامةً لمن يضافُ منها إليه المُعْلَمُ بها، ولهذا الناس يَسِمُون دوابَّهم ومواشِيَهُمْ بأنواع السِّماتِ، حتى يكون ما يضافُ منها إلى كلِّ إنسانٍ معروفًا بِسِمَتِهِ، ثم قد تكونُ هذه السمةُ مُتَوارَثةً في أمَّةٍ بعد أمَّةٍ.

فجعل الله سبحانه الختان عَلَمًا لمن يُضَافُ إليه وإلى دِيْنِه ومِلَّتِهِ، ويُنْسَبُ إليه بنسبةِ العُبُودِيَّةِ والحَنيفيَّةِ، حتى إذا جُهِلَتْ حالُ إنسانٍ في دِيْنِه عُرِف بِسِمَةِ الختانِ ورَنْكهِ (٤)، وكانت العرب تُدْعَى بأُمَّة الختانِ،


(١) في «ج»: يضعونهم.
(٢) انظر: قاموس الكتاب المقدس ص ٦٣٧.
(٣) قال ابن عباس: إن النصارى إذا ولد لأحدهم ولد فأتى عليه سبعة أيام غمسوه في ماءٍ لهم أصفرَ، يقال له: المعمودي، وصبغوه به ليطهّروه بذلك الماء مكان الختان، فإذا فعلوا به ذلك قالوا: الآن صار نصرانيًا حقًّا. فأخبر الله أن دينه الإسلام لا ما يفعله النصارى. انظر: تفسير البغوي: ١/ ١٥٧.
(٤) كلمة فارسية بمعنى اللون والصبغة، وهي من مصطلحات العهد المملوكي وما بعده، وتجمع على "رُنُوك" وتعني: الشعار والسمة والشارة. وانظر: المعجم الذهبي: فارسي عربي ص ٢٩٩، ومعجم المصطلحات والألقاب التاريخية لمصطفى عبدالكريم الخطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>