للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السَّابع

في بيان حِكْمةِ الختان وفوائدهِ

الختانُ من مَحاسِنِ الشَّرائعِ التي شَرَعَها اللهُ ـ سبحانه ـ لعِبَادِه، ويجمِّل بها محاسِنَهُم الظَّاهِرَةَ والبَاطِنَةَ، فهو مكمِّلٌ للفطرةِ التي فَطَرَهُمْ عليها، ولهذا كانَ من تمامِ الحنيفيَّة ملةِ إبراهيمَ.

وأصلُ مشروعيَّةِ الختانِ لتكميل الحنيفيَّة، فإنَّ الله ـ عز وجل ـ لما عَاهدَ إبراهيم وَعَدَهُ أن يجعله للناسِ إمامًا، ووَعَدَهُ أن يكونَ أبًا لشعوبٍ كثيرةٍ، وأن يكونَ الأنبياءُ والملُوكُ من صُلْبِهِ، وأن يَكْثُرَ نَسْلُه، وأخبرَهُ أنّه جاعلٌ بَيْنه وبينَ نَسْلِه علامةَ العَهْدِ أنْ يَخْتِنُوا كلَّ مَولُودٍ منهم، ويكون عهدي هذا ميسمًا في أجْسَادِهِمْ، فالختانُ عَلَمٌ للدُّخولِ في ملَّة إبراهيمَ. وهذا موافقٌ لتأويل مَنْ تأوَّلَ قولَه تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة/ ١٣٨] على الختان (١).

فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميد لعُبَّاد الصَّليب، فهم يطهِّرونَ


(١) وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والفرّاء والزجّاج. انظر: تفسير ابن أبي حاتم: ٨/ ١٠٧ و ١٢/ ٤٢٧، وتفسير البغوي: ١/ ١٥٧، وتفسير القرطبي: ٢/ ١٤٥، والوسيط للواحدي: ١/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>