للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو الزمان الذي قدَّره الله يوم خلقَ السماواتِ والأرضَ، وهو ــ سبحانه ــ خصَّ أيام تخليق العالم بستةِ أيامٍ، وكنَّى كلَّ يوم منها اسمًا يخصُّه به، وخصَّ كلَّ يوم منها بصنف من الخليقة أَوْجَدَهُ فيها، وجعل يومَ إكمالِ الخلق واجتماعِه ــ وهو يومُ اجتماع الخليقة ــ مَجْمعًا وعيدًا للمؤمنين، يجتمعون فيه لعبادته، وذِكْره، والثناءِ عليه، وتحميدِه وتمجيدِه، والتفرُّغِ من أشغال الدنيا لشُكْرِه، والإقبالِ على خدمته، وذكر ما كان في ذلك اليوم من المبدأ، وما يكونُ فيه من المَعاد، وهو اليومُ الذي استوى فيه الربُّ تبارك وتعالى على عرشه، واليومُ الذي خلق الله فيه أبانا آدم، واليومُ الذي أسكنه فيه الجنَّة، واليومُ الذي أخرجه فيه منها، واليومُ الذي ينقضي فيه أجلُ الدنيا، وتقوم الساعةُ، وفيه يجيء الله سبحانه وتعالى، ويُحاسِب خَلْقَهُ، ويدخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم (١).

والمقصود: أن هذه الأيام أوَّل مراتب العمر، فإذا استكملها المولودُ، انتقل إلى المرتبة الثانية وهي الشُّهور، فإذا استكملها انتقل إلى الثالثة وهي السنين، فما نقص عن هذه الأيام، فغيرُ مستوفٍ للخليقة، وما زاد عليها فهو مكرَّر يُعاد عند ذكره اسمُ ما تقدَّم من عدده، فكانت الستةُ غايةً لتمام الخلْق، وجُمِعَ في آخر اليوم السَّادس منها، فجُعِلَت تسميةُ


(١) وانظر ما كتبه المصنف في زاد المعاد: ١/ ٣٧٥ - ٤٢٥ ضمن فصل هديه - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة وذكر خصائصها.

<<  <  ج: ص:  >  >>