للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُشْكِلُ على هذا أمران:

(أحدهما) أن الإذكار والإيناث ليس له سبب طبيعي، وإنَّما هو مستندٌ إلى مشيئة الخالق سبحانه، ولهذا قال في الحديث الصحيح: «فيقولُ الملك: يا ربّ أذكر أم أنثى، فما الرزق، فما الأجل، شقي أم سعيد؟ فيقضي الله ما يشاء ويكتب الملك»، فكونُ الولد ذكرًا أو أنثى مستندٌ إلى تقدير الخلاق العليم، كالشقاوة والسعادة، والرزق والأجل، وأما حديث ثوبان، فانفرد به مُسْلِم وحده. والذي في «صحيح البُخَاريّ» إنما هو الشبه، وسببه علوُّ ماء أحدهما أو سبقه، ولهذا قال: «فمِنْ أيّهما عَلا أو سَبقَ يكون الشَّبَه له» (١).

(الأمر الثاني): أن القافة مبناها على شبه الواطئ، لا على شبه الأم (٢)، ولهذا قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ولد الملاعنة: «انْظُرُوهَا فإنْ جاءتْ به على نَعْتِ كَذَا وَكَذَا، فهوَ لِشَرِيْكِ بنِ السَّحْماءِ ـ يعني الذي رُمِيَتْ به ـ وإنْ جاءتْ بهِ على نَعْتِ كَذا وَكَذَا، فهوَ لِهلَالِ بنِ أميَّةَ» (٣)، فاعتبر شبه الواطئ، ولم يعتبر شبه الأم.

ويجاب عن هذين الإشكالين:

أما الأول: فإن الله سبحانه قدَّر ما قدره من أمر النطفة من حين


(١) تقدم فيما سبق، ص (٣٩١).
(٢) انظرأيضًا: الطرق الحكمية للمصنف: ٢/ ٥٧٣ وما بعدها.
(٣) أخرجه مسلم في اللعان: ٢/ ١١٣٤ برقم (١٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>