للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: هو أقْلَف، ليس بمختونٍ إلا ما قلَّصَ منه القمرُ، وشبَّه قُلْفتَه بالزُّبانى: وهي قَرْنَا العقرب، وكانت العرب لا تعتدُّ بصورة الختان من غير ختان، وترى الفضيلةَ في الختانِ نفسِه، وتَفْخَرُ بهِ.

قال: وقد بعثَ اللهُ نبيَّنا - صلى الله عليه وسلم - مِن صَمِيْمِ العَربِ، وخصَّه بصفاتِ الكمالِ من الخَلْق والنَّسبِ، فكيف يجوز أن يكونَ ما ذَكَرَهُ من كَوْنِه مختونًا مما يتميَّز به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ويخصَّصُ.

وقيل: إنَّ الختانَ من الكلماتِ التي ابتلى اللهُ بها خلِيْلَه - صلى الله عليه وسلم - فأتمهنَّ وأكملهنَّ (١)، وأشدُّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثلُ فالأمثل.

وقد عدَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الختان من الفطرة، ومن المعلوم أن الابتلاء به مع الصبر مما يُضاعَف ثوابُ المبتلَى به وأجْرُهُ، والأَلْيَقُ بحال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يُسْلَب هذه الفضيلةَ، وأن يُكرمَه الله بها كما أكرمَ خليلَهُ، فإنَّ خصائصَه أعظمُ من خصائصِ غيرِه من النبيّينَ وأعْلَى.

وخَتْن الملَك إيَّاه ـ كما رُوِّيناه ـ أجْدَرُ مِن أن يكونَ من خصائصِه وأوْلَى». هذا كلُّه كلامُ ابنِ العَدِيْمِ.

ويريد بختن الملك، ما رواه من طريق الخطيب، عن أبي بكرة، أن جبريل ختن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حين طهَّر قلبه (٢).


(١) انظر: تفسير الطبري: ٢/ ٨، وتفسير البغوي: ١/ ١٤٤.
(٢) أخرجه الخطيب في التاريخ: ١/ ٣٤٧، والطبراني في الأوسط برقم (٥٨١٧)، وأبو نعيم في الدلائل:١/ ١٩٣، وابن عساكر في تاريخ دمشق: ٣/ ٤١٢. قال الهيثمي في المجمع: ٨/ ٢٢٤: «فيه عبدالرحمن بن عيينة ومسلمة بن محارب ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات». وقال الصَّالحيّ في السيرة ١/ ٤٢٠: «قيل إن جبريل ختنه، ولا يصحُّ سنده».

<<  <  ج: ص:  >  >>