للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الموجبون: الختان عَلَمُ الحنيفيَّة، وشعارُ الإسلامِ، ورأسُ الفِطْرَةَ، وعُنْوانُ المِلَّةِ، وإذا كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد قال: "مَنْ لم يأْخُذْ شَارِبَهُ فليسَ منَّا" (١). فكيف يكون (٢) من عطَّل الختان، ورضي بشعار القُلْفِ عُبَّادِ الصُّلْبانِ؟

ومن أظهر ما يفرّق بين عُبَّاد الصلبان وعُبَّاد الرَّحمن: الختانُ، وعليه استمرَّ عمل الحنفاءِ من عهد إمامِهم إبراهيمَ إلى عهد خاتَمِ الأنبياء، فبُعِثَ بتكميل الحنيفية وتقريرها، لا بتحويلها وتغييرها.

ولما أمر الله ـ تعالى ـ به خَليلَهُ، وعَلِمَ أنَّ أَمْرَهُ المطاعُ؛ وأنّه لا يجوز أن يُعَطَّل ويُضَاعَ؛ بَادرَ إلى امتثالِ ما أمرَ بهِ الحيُّ القيُّومُ، وختنَ نفْسَه بالقدُّوم، مبادرةً إلى الامتثال؛ وطاعةً لذي العزَّة والجلالِ، وجعَله فطرةً باقيةً في عَقِبِهِ إلى أن يَرِثَ الأرضَ ومَنْ عليها، ولذلك (٣) دعا جميعُ الأنبياءِ مِن ذُرِّيَّتهِ أُممَهُمْ إليها حتَّى عبدُ الله ورسولُه وكلمتُه ابنُ العذراءِ


(١) أخرجه الترمذي في الأدب، باب ما جاء في قص الشارب: ٥/ ٩٣، وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي في الطهارة، باب قص الشارب: ١/ ١٥ برقم (١٣) وبرقم (٤٩٦٢)، والإمام أحمد: ١/ ١٥، وصححه ابن حبان برقم (٥٥٩٦)، ورواه أيضًا: عبدبن حميد ٢٦٦)، والطبراني في الأوسط (٥٢٩ و ٨١١٢)، والطحاوي في مشكل الآثار (١١٥٢).
(٢) ساقط من "ب، ج".
(٣) في "أ": كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>