للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بعناية إلهيَّة وتدبير تعجز عقول الناس عن إدراك (١) كيفيته {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون/١٤].

فإذا انفصل الجنين، بكى ساعةَ انفصالِه لسببٍ طبيعيٍّ، وهو مفارقة إِلْفِهِ ومكانه الذي كان فيه، وسببٍ منفصلٍ عنه، وهو طعن الشيطان في خاصرته، فإذا انفصل وتمَّ انفصاله مدَّ يده إلى فيه، فإذا تمَّ له أربعون يومًا تجدَّد له أمر آخر على نحو ما كان يتجدَّد له وهو في الرَّحِم، فيضحك عند الأربعين، وذلك أول ما يَعقل نفسه، فإذا تمَّ له شهران رأى المنامات، ثم ينشأ معه التمييز والعقل على التدريج شيئًا فشيئًا إلى سنِّ التمييز، وليس له سنٌّ معين، بل من الناس من يميِّز لخمس، كما قال محمود بن الرَّبِيع: عقلت من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مَجَّةً مجَّها في وَجْهِي من دَلْوٍ في بئرهم وأنا ابن خمس سنين (٢). ولذلك جعلت الخمس سنين حدًّا لصحة (٣) سماع الصبيِّ.

وبعضهم يميِّز لأقلَّ منها، ويذكر أمورًا جَرَتْ له وهو دون الخمس سنين، وقد ذكرنا عن إياس بن معاويةَ أنه قال: أذكر يوم ولدتني أُمِّي، فإني خرجت من


(١) في «أ»: تدبير.
(٢) «بئرهم .. سنين» ساقط من «أ، ج». وأخرجه البخاري في كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير: ١/ ١٧٢، وفي مواضع أخرى، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر: ١/ ٤٥٦ رقم (٢٦٥)
(٣) في «أ»: لحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>