للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع عشر

في الحِكمة التي لأجْلِها يُعادُ بَنو آدمَ غُرْلًا

لما وعد اللهُ سبحانه ـ وهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده ـ أنَّه يُعيدُ الخَلْقَ كما بَدَأَهُمْ أوَّلَ مرة، كان مِن صِدْق وَعْدِه أن يُعيدَه على الحالةِ التي بدأه عليها من تمام أعضائِه وكمالِها.

قال الله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ (١) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء/ ١٠٤].

وقال تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف/ ٢٩].

وأيضًا: فإنَّ الختانَ إنما شُرِع في الدنيا لتكميلِ الطهارةِ والتنزُّهِ من البول، وأهلُ الجنَّة لا يبولون ولا يتغوَّطُونَ، فليس هناك نجاسةٌ تصيب الغُرْلةَ فيحتاج إلى التحرُّز منها، والقُلْفَةُ لا تمنع لَذَّة الجماع ولا تعوقُه. هذا إن قُدِّر استمرارُهم على تلك الحالة (التي بُعِثُوا عليها) (٢)، وإلَّا فلا يلزمُ من كَوْنِهمْ يُبعثون كذلك أن يستمرُّوا على تلك الحالةِ، فإنهم يُبعَثُونَ حُفَاةً عُراةً بُهْمًا، ثم يُكْسَوْنَ، ويُمَدُّ خَلْقُهم، ويُزَاد فيه بعد ذلك،


(١) في «أ، د»: «للكتاب» وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر. انظر: زاد المسير لابن الجوزي: ٥/ ٣٩٥.
(٢) ما بين القوسين ساقط من «أ، ج».

<<  <  ج: ص:  >  >>