للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي لفظ آخر: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بأذنيَّ هاتَيْنِ يقول: «إنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ في الرَّحِم أَرْبَعِيْنَ ليْلَةً، ثمَّ يَتَسوَّرُ عليها المَلَكُ» قال زهير: حَسِبْتُهُ قالَ: «الّذي يَخْلُقُهَا، فيقولُ: يا ربِّ أذكرٌ أم أُنثى؟ فيجْعَلُهُ اللهُ ذكرًا أو أنثى، فيقولُ: يا ربِّ أسَوِيٌّ أمْ غيرُ سويٍّ، فيجعله الله سويًّا أو غيرَ سَوِيٍّ، ثم يقولُ: يا ربِّ ما رزقُه؟ وما أجَلُه؟ وما خُلُقُه؟ ثمَّ يجعلُه اللهُ شقيًّا أو سَعِيدًا» (١).

وفي لفظٍ آخرَ: «أنَّ مَلَكًا مُوَكَّلًا بالرَّحِم، إذا أرادَ اللهُ عز وجلّ أن يخلُقَ شيئًا بإذنِ اللهِ لِبِضْعٍ وأَرْبَعِينَ ليلةً ... » ثمَّ ذكر الحديث (٢).

فاتَّفق حديثُ ابنِ مسعودٍ، وحديثُ حذيفةَ بن أَسيد، على حُدُوثِ شأنِ وحَالِ النُّطفة بعد الأربعينَ، وحديثُ حذيفةَ مفسَّرٌ صريحٌ بأنَّ ذلك يُكتَبُ بعد الأربعينَ قبلَ نَفْخِ الرُّوح فيه، كما تقدم في رواية البُخَاريّ.

وأما حديثُ ابنِ مسعودٍ، فأحدُ ألفاظِه موافقٌ لحديثِ حذيفةَ، وإنْ كان ذلك التقديرُ والكتابةُ بعد الأربعينَ قبلَ نفْخِ الرُّوحِ فيه، كما تقدَّم من رواية البُخَاريّ، ولفظُه: «ثمَّ يَبعثُ اللهُ إليه مَلَكًا بأربعِ كلماتٍ، فيكتب عمله، ورزقه، وأجلَه، وشقيٌّ أو سعيدٌ، ثم ينفخ فيه الروح». فهذا صريحٌ أنَّ الكتابةَ وسؤالَ الملَك قبلَ نفخِ الرُّوح فيه، وهو موافقٌ لحديثِ حذيفةَ في ذلك.


(١) أخرجه مسلم في الموضع السابق برقم (٢٦٤٥).
(٢) الموضع السابق نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>