للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهليَّةُ من أمْرِ البناتِ حتى كانُوا يَئِدُونَهُنَّ. أي: هذا النوعُ المؤخَّر الحقيرُ عندَكُم مقدَّمٌ عندي في الذِّكْرِ.

وتأمَّل كيف نَكَّر ـ سبحانه ـ الإناثَ، وعرَّف الذكورَ، فجبر نَقْصَ الأُنُوثةِ بالتَّقديمِ، وجَبَرَ نَقْصَ التَّأخيرِ بالتعريفِ، فإنَّ التعريف تنويهٌ، كأنَّه قال: ويَهَبُ لمَنْ يشاءُ الفُرْسَانَ الأعلامَ المذكُورِينَ الذين لا يَخْفَون عليكم!

ثم لمَّا ذكَر الصِّنْفَيْنِ معًا قدَّمَ الذُّكُورَ إعطاءً لكلٍّ من الجنسينِ حقَّه من التقديم والتأخير. والله أعلم بما أراد من ذلك.

والمقصود: أنَّ التسخُّطَ بالإناثِ (١) من أخلاقِ الجاهليَّة الَّذين ذمَّهم اللهُ تعالى في قوله: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل/ ٥٨ ـ ٥٩].

وقال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف/ ١٧].

ومن هاهنا عبَّر بعضُ المعبِّرينَ لرجلٍ قال له: رأيتُ كأنَّ وجهي أسود! فقال: ألكَ امرأةٌ حاملٌ؟ قال: نعم. قال: تَلِدُ لك أُنثى.


(١) في "أ": بالبنات.

<<  <  ج: ص:  >  >>