للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انحطَّ قواه فهو هَرِمٌ، فإذا تغيَّرت أحواله وظهر نَقْصُه فقد رُدَّ إلى أَرْذَلِ العُمُر، فالموت أقرب إليه من اليد إلى الفم.

فصل

فإذا بلغ الأجلَ الذي قُدِّر له (١) واستوفاه، جاءته رُسُل ربِّه

ــ عز وجل ــ ينقلونه من دار الفناء إلى دار البقاء، فجلسوا منه مَدَّ البصر، ثم دنا منه الملَك الموكَّل بقبض الأرواح، فاستدعى بالروح.

فإن كانت روحًا طيبةً، قال: اخْرُجِي أيتها النَّفس الطيِّبة (٢) كانت في الجسد الطيِّب، اخرجي حميدة وأبشري برَوْحٍ ورَيْحَانٍ وربٍّ غيرِ غضبان، فتخرج من بدنه كما تخرج القطرة مِنْ فِي السِّقَاء، فإذا أخذها لم يَدَعْهَا الرُّسُل في يديه طَرْفَةَ عينٍ، فَيُحنِّطُونها ويُكَفِّنُونها بحَنُوط وكفن من الجنَّة، ثم يصلُّون عليها، ويوجد لها كأطيب نفحةِ مسكٍ وُجِدَتْ على وجه الأرض، ثم يصعد بها للعرض الأول على أسرع الحاسبين، فينتهي بها إلى سماء الدنيا، فيستأذن لها، فيفتح لها أبواب السماء، ويصلِّي عليها ملائكتها، ويشيِّعها مُقَرَّبُوهَا إلى السماء الثانية، فيُفْعَلُ بها كذلك، ثم الثالثة، ثم الرابعة، إلى أن ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله ــ عز وجل ــ فتحيِّي ربَّها ـ تبارك وتعالى ـ بتحية الربوبية: اللهم أنت


(١) في «أ»: قدر الله له. وانظر في هذا الفصل: التذكرة بأحوال الموتى وأمر الآخرة للقرطبي: ١/ ٢٢١ وما بعدها.
(٢) في «ج»: الطيبة المطمئنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>