للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الثاني عشر

في حُكم رِيقهِ ولُعَابهِ

هذه المسألة ممَّا تعمُّ به البَلْوَى، وقد عَلِم الشارعُ أنّ الطفل يَقِيءُ كثيرًا، ولا يمكن غَسْلُ فَمِهِ، ولا يزال ريقُهُ ولعابُه يسيلُ على من يربّيه ويحملُه، ولم يأمرِ الشارعُ بغَسْل الثياب من ذلك، ولا مَنَعَ من الصلاة فيها، ولا أَمرَ بالتحرُّز من رِيْق الطفل (١).

فقالت طائفة من الفقهاء: هذا من النجاسة التي يُعفَى عنها للمشقَّة والحاجةِ، كطِيْنِ الشَّوارع، والنجاسةِ بعد الاسْتِجْمَار، ونجاسةِ أسفل الخُفِّ والحذاء بعد دَلْكِهِمَا بالأرض.

وقال شيخنا وغيره من الأصحاب (٢): بل رِيْقُ الطفل يطهِّر فمَه


(١) قال ابن قدامة في المغني ١/ ١١٣: «ولعاب الصبيان طاهر، وقد روى أبو هريرة، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاملًا الحسين بن عليّ على عاتقه، ولعابه يسيل عليه. وحمل أبو بكر الحسن بن علي على عاتقه ولعابه يسيل، وعلي إلى جانبه، وجعل أبو بكر يقول:
وَا بأبي شِبْهَ النبيّ ... لا شبيهًا بعليّ
وعلي يضحك».
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٢١/ ٤٧٤: «وأما إزالة النجاسة بغير الماء ففيها ثلاثة أقوال في مذهب أحمد: أحدها: المنع كقول الشافعي، وهو أحد القولين في مذهب مالك وأحمد. والثاني: الجواز كقول أبي حنيفة، وهو القول الثاني في مذهب مالك وأحمد. والقول الثالث: في مذهب أحمد أن ذلك يجوز للحاجة كما في طهارة فم الهرة بريقها وطهارة أفواه الصبيان بأرياقهم ونحو ذلك». وانظر: الاختيارات الفقهية للبعلي، ص (٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>