للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفضل منه، فالجنين ينتقل عما قد أَلِفَه واعتاده في غذائه وتنفُّسِه ومَداخلِه ومخارجه وما يكتنفه دفعة (١) واحدةً (٢).

وهذه أول شِدَّة يلقاها في الدُّنيا، ثم تتواتر (٣) عليها الشَّدائد حتى يكون آخرها الشِّدَّة العظمى التي لا شِدَّة فوقها، أو الراحة (٤) العظمى التي لا تعب دونها، ولذلك يبكي عند ورود هذه الشدة عليه مع ما يلقاه من وكز الشيطان وطعنه في خاصرته.

فصل

والجنين في الرَّحِم كان يغتذي بما يلائمه، وكان يجتذب بالطبع المقدار الذي يلائمه من دم أمه، وبعد خروجه يجتذب من اللبن ما يلائمه أيضًا، لكنه يجتذبه بشهوته وإرادته فيزيد على مقدار ما يحتاج إليه مع كون اللبن يكون رديئًا ومعلولًا كما يكون صحيحًا. وكذلك يعرض له القيء والغثيان، ويجتذب أخلاط بدنه، وتعرض له الآلام والأوجاع والآفات التي لم تكن تعرض له في البطن، وقد كان عليه من الأغشية والحجب ما يمنع وصول الأذى إليه. فلما ولد هيئ له أغشية وحجب أُخَر لم يكن يألفها ويعتادها، وربما صحا للحَرِّ والبَرْد والهواء،


(١) في (ب، ج): وَهْلَةً.
(٢) انظر نحوه في «كتاب الفصول» لأبقراط، فصل رقم ٢.
(٣) في «أ، ب» تتوافر، وفي «د»: تواتر.
(٤) «العظمى .. الراحة» ساقط من «أ».

<<  <  ج: ص:  >  >>