للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره: دين الله (١).

هذا معَ ما في الختانِ من الطَّهارةِ والنَّظافةِ والتَّزْيِينِ، وتَحْسِيْنِ الخِلْقَةِ، وتَعْدِيلِ الشَّهْوَةِ التي إذا أَفْرَطَتْ أَلْحقَتِ الإنسَانَ بالحيوانَاتِ، وإنْ عَدِمَتْ بالكليَّة أَلْحَقَتْهُ بالجمَاداتِ، فالختانُ يعدلها، ولهذا تجدُ الأقْلَفَ من الرِّجال، والقَلْفَاءَ من النساءِ، لا يشبعُ من الجِماعِ.

ولهذا يُذَمُّ الرجلُ ويُشْتَم ويُعَيَّرُ بأنه ابنُ القَلْفَاءِ ـ إشارة إلى غُلْمَتِهَا ـ وأيُّ زينةٍ أحسن من أخْذِ ما طَالَ وجَاوَزَ الحدَّ من جلدةِ القُلْفَة، وشعرِ العَانَة، وشعر الإبط، وشعر الشَّارب، وما طال من الظفر. فإنَّ الشيطان يختبئ تحت ذلك كلِّه ويألفُه ويقطنُ فيه، حتى إنه ينفخ في إحْلِيْل الأقْلفِ وفَرْجِ القَلْفَاءِ ما لا يَنْفخُ في المختونِ، ويختبئُ في شَعر العَانَةِ، وتحت الأظفارِ. فالغُرْلَةُ أقبحُ في موضعها من الظُّفر الطويل والشاربِ الطويل والعانةِ الفاحشةِ الطُّولِ. ولا يخفى على ذي الحسِّ السليمِ قُبْحُ الغُرْلَةِ، وما في إزالتِهَا من التحسينِ والتنظيفِ والتزيين، ولهذا لمَّا ابتلى اللهُ خليلَه إبراهيمَ بإزالة هذه الأمورِ فأتمَّهنَّ، جعله إمامًا للناسِ. هذا مع ما فيه من بَهاءِ الوَجهِ وضِيائِه، وفي تَرْكِهِ من الكَسْفَةِ التي تُرَى عليهِ.

وقد ذكر حَرْبٌ في «مسائله»: عن ميمونة زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت للخاتنة: إذا خفضت فأشمِّي ولا تَنْهِكي، فإنَّه أسْرَى للوجهِ، وأَحْظَى لها


(١) أخرج هذه الأقوال كلها الطبري في التفسير، الموضع السابق. وانظر: تفسير القرطبي: ٢/ ١٤٥، والوسيط للواحدي: ١/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>