للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَتُولِ، فإنَّه اختتنَ متابعةً لإبراهيمَ الخليلِ؛ والنَّصارى تُقِرُّ بذلك، وتعترفُ أنَّه مِنْ أحكامِ الإنْجِيْلِ، ولكنِ اتَّبَعُوا أهواء قومٍ قد ضلُّوا مِن قَبْلُ وأضلُّوا كثيرًا وضلُّوا عن سواءِ السَّبيلِ.

حتى لقد أذَّن عالِمُ أهلِ بيتِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عبدُ اللهِ بنُ عبَّاس أذانًا سمعه الخاصُّ والعامُّ: أن من لم يختتن فلا صلاة له؛ ولا تُؤكل ذبيحته (١)؛ فأخرجه من جملة أهل الإسلام.

ومِثْلُ هذا لا يُقال لتارك أَمْرٍ هو بَيْنَ تَرْكِه وفِعْلِه بالخيار؛ وإنَّما يُقال لما عُلِم وجوبُه علمًا يَقْرُبُ من الاضطرار؛ ويكفي في وجوبه أنَّه رأس خصال الحنيفيَّة التي فَطَرَ اللهُ عِبَادَه عليها، ودعتْ جميع الرُّسل إليها، فتاركُهُ خارجٌ عن الفطرة التي بعث اللهُ رسُلَهُ بتكميلها؛ وموضِعٌ (٢) في تعطيلها، مؤخِّرٌ لما يستحقُّ التقديم، راغبٌ عن مِلَّة أبيه إبراهيمَ: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة/ ١٣١ ـ ١٣٢].

فكما أنَّ الإسلامَ رأسُ الملَّة الحنيفيَّة وقوامُها، فالاستسلامُ لأمْرِهِ كمالُهَا وتمَامُهَا.


(١) انظر فيما سبق، ص (٢٣٩).
(٢) أي مسرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>