للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه نظرٌ لا يخفى، فإنَّ شفاعةَ الولدِ للوالد (١) ليستْ بأولى من العكس، وكونُه والدًا له، ليس بجهةٍ (٢) للشَّفاعةِ فيه، وكذا سائرُ القَراباتِ والأرْحَام، وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} [لقمان/ ٣٣].

وقال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} [البقرة/ ٤٨].

وقال تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} [البقرة/ ٢٥٤].

فلا يشفع أحدٌ لأحدٍ يومَ القيامةِ، إلَّا مِنْ بعد أن يأذنَ اللهُ لمن يشاءُ ويَرْضَى، وإذْنُه ـ سبحانه ـ في الشَّفاعةِ موقوفٌ على عَمَلِ المشفُوعِ له مِنْ تَوْحيدِه وإخلاصِه.

ومرتبةُ الشَّافع: مِن قُربِه عند الله، ومنزلتِه، ليست مستحقَّةً بقرابةٍ ولا بُنُوَّةٍ ولا أُبوَّة، وقد قال سيِّدُ الشُّفَعَاءِ وأَوْجَهُهُمْ عند الله لعمِّه وعَمَّته وابنتِه: "لا أُغنِي عنكم مِنَ الله شيئًا" (٣).


(١) في "د": في الوالد.
(٢) ساقطة من "ج، د".
(٣) أخرجه البخاري في الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب: ٥/ ٣٨٢، وفي التفسير، باب "وأنذر عشيرتك الأقربين": ٨/ ٥٠١، ومسلم في الإيمان، باب قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}: ١/ ١٩٢ برقم (٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>