للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشرون: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنَّ له مُرْضِعًا تُتمُّ رَضاعه في الجنَّة. وهذا يدل على أنَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ يُكمِلُ لأهل السعادة مِنْ عِبَاده بعد مَوْتِهم النقصَ الذي كان في الدنيا. وفي ذلك آثارٌ ليس هذا موضعها، حتى قيل: إنَّ من مات وهو طالبٌ للعلم، كُمِّل له حصولُه بعد موته، وكذلك من مات وهو يتعلَّم القرآنَ. والله أعلم.

الحادي والعشرون: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أوْصَى بالقِبْطِ خيرًا وقال: "إنَّ لهم ذِمَّةً ورَحِمًا" (١)، فإن سُرّيَّتَي الخَلِيلَينِ الكَريمَيْنِ إبراهيمَ ومحمَّدٍ

ــ صلوات الله عليهما وسلامه ــ كانتا منهم، وهما: هَاجَرُ ومَارِيَةُ؛ فأمَّا هاجر: فهي أمُّ إسماعيل أبي العرب، فهذا الرَّحِمُ.

وأما الذمَّة: فما حصل من تَسَرِّي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَارِيَةَ وإيلادِهَا إبراهيم، وذلك ذِمَامٌ يجب على المُسْلِمينَ رعايتُه ما لم تضيِّعه القِبْطُ، والله أعلم.

وقد روى البُخَاريُّ في "صحيحه"، عن السُّدّيِّ قال: سألتُ أنسَ بنَ مالكٍ: كم كانَ بلغَ إبراهيمُ ابنُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كان قد ملأَ مَهْدَهُ، ولو بقِيَ لكان نبيًّا، ولكن لم يكنْ لِيَبْقَى، لأن نبيَّكم آخرُ الأنبياءِ (٢).


(١) عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم ستفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرًا فإنَّ لهم ذمة ورَحِمًا". أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بأهل مصر: ٤/ ١٩٧٠، برقم (٢٥٤٣). والقبط ـ بالكسر ـ نصارى مصر. الواحد: قبطي.
(٢) أخرجه الإمام أحمد: ٣/ ٢٨٠، وفي طبعة الرسالة: ٢١/ ٤٠٢، وابن سعد: ١/ ١٥٧. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ١٠/ ٥٧٩: "رواه أحمد وابن منده". ولم أجده في صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>