للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وفي معنى هذا: مُبَاركٌ، ومُفْلِحٌ، وخَيرٌ، وسُرورٌ، ونِعْمَةٌ، وما أشبه ذلك، فإنَّ المعنى الذي كَرِهَ له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - التسميةَ بتلك الأربعِ موجودٌ فيها، فإنه يقال: أعندك خيرٌ؟ أعندك سرور؟ أعندك نعمةٌ؟ فيقول: لا، فتشمئزُّ القلوبُ من ذلك وتَتَطَيَّر به، وتَدخلُ في باب المنطقِ المكروهِ.

وفي الحديث: أنّه كره أن يُقال: خرج من عند بَرَّةَ (١).

مع أن فيه معنى آخر يقتضي النهي، وهو تزكية النفس بأنه مُبَارك ومُفْلِحٌ، وقد لا يكون كذلك، كما روى أبو داود في "سننه" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يسمى بَرَّةَ، وقال: "لا تزكُّوا أنفسَكُمْ، اللهُ أعْلَمُ بأهلِ البِرِّ منكُم" (٢).

وفي "سنن ابن ماجه" عن أبي هُرَيرَة، أنَّ زينبَ كان اسمُها بَرَّة، فقيل: تزكِّي نفسَها، فسمَّاها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - زينب (٣).


(١) وهو حديث ابن ماجه الآتي.
(٢) أخرجه أبو داود في الأدب، باب في تغيير الاسم القبيح: ١٣/ ٣٥٢. وتتمة الحديث: فَقَالَ: مَا نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: "سَمُّوهَا زَيْنَبَ". وهو أيضًا عند الإمام مسلم في الأدب، باب في استحباب تغيير الاسم القبيح، برقم (٣٩٩٢) عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي: بَرَّة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذا الاسم، وسميت بَرَّة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزكوا أنفسكم الله، أعلم بأهل البر منكم". فقالوا: بم نسميها؟ قال: "سموها زينب".
(٣) سنن ابن ماجه، كتاب الأدب، باب تغيير الأسماء: ٢/ ١٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>